responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 289
وَإِنْ تَبَايَعُوا بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، وَأَخَذَ الشَّفِيعُ بِذَلِكَ، لَمْ يُنْقَضْ مَا فَعَلُوهُ. وَإِنْ كَانَ التَّقَابُضُ جَرَى بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ دُونَ الشَّفِيعِ، وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا، لَمْ نَحْكُمْ لَهُ بِالشُّفْعَةِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إنْ تَبَايَعُوا بِخَمْرٍ، وَقُلْنَا: هِيَ مَالٌ لَهُمْ. حَكَمْنَا لَهُمْ بِالشُّفْعَةِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ خَمْرًا؛ لِأَنَّهَا مَالٌ لَهُمْ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَبَايَعُوا بِدَرَاهِمَ، لَكِنْ إنْ كَانَ الشَّفِيعُ ذِمِّيًّا أَخَذَهُ بِمِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا أَخَذَهُ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ. وَلَنَا أَنَّهُ بَيْعٌ عُقِدَ بِخَمْرٍ، فَلَمْ تَثْبُتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ، كَمَا لَوْ كَانَ بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ بِثَمَنٍ مُحَرَّمٍ، أَشْبَهَ الْبَيْعَ بِالْخِنْزِيرِ وَالْمَيْتَةِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْخَمْرَ مَالٌ لَهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَهُ، كَمَا حَرَّمَ الْخِنْزِيرَ، وَاعْتِقَادُهُمْ حِلَّهُ لَا يَجْعَلُهُ مَالًا كَالْخِنْزِيرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُنْقَضْ عَقْدُهُمْ إذَا تَقَابَضُوا، لِأَنَّنَا لَا نَتَعَرَّضُ لِمَا فَعَلُوهُ مِمَّا يَعْتَقِدُونَهُ فِي دِينِهِمْ، مَا لَمْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا قَبْلَ تَمَامِهِ، وَلَوْ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا قَبْلَ التَّقَابُضِ لَفَسَخْنَاهُ.

[فَصْل أَصْحَاب الْبِدَعِ هَلْ لَهُمْ شُفْعَةٌ]
(4104) فَصْلٌ: فَأَمَّا أَهْلُ الْبِدَعِ، فَمَنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ، فَتَثْبُتُ لَهُ الشُّفْعَةُ، كَالْفَاسِقِ بِالْأَفْعَالِ؛ وَلِأَنَّ عُمُومَ الْأَدِلَّةِ يَقْتَضِي ثُبُوتَهَا لِكُلِّ شَرِيكٍ، فَيَدْخُلُ فِيهَا. وَقَدْ رَوَى حَرْبٌ أَنَّ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ أَصْحَابِ الْبِدَعِ، هَلْ لَهُمْ شُفْعَةٌ، وَيُرْوَى عَنْ إدْرِيسَ، أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لِلرَّافِضَةِ شُفْعَةٌ فَضَحِكَ، وَقَالَ: أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَهُمْ مِنْ الْإِسْلَامِ. فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ أَثْبَتَ لَهُمْ الشُّفْعَةَ. وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْغُلَاةِ مِنْهُمْ، وَأَمَّا مَنْ غَلَا، كَالْمُعْتَقِدِ أَنَّ جِبْرِيلَ غَلِطَ فِي الرِّسَالَةِ فَجَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا أُرْسِلَ إلَى عَلِيٍّ
وَنَحْوِهِ، وَمَنْ حُكِمَ بِكُفْرِهِ مِنْ الدُّعَاةِ إلَى الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ، فَلَا شُفْعَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ إذَا لَمْ تَثْبُتْ لِلذِّمِّيِّ الَّذِي يُقَرُّ عَلَى كُفْرِهِ، فَغَيْرُهُ أَوْلَى.

[فَصْل الشُّفْعَةُ لِلْبَدَوِيِّ عَلَى الْقَرَوِيِّ وَلِلْقَرَوِيِّ عَلَى الْبَدَوِيِّ]
(4105) فَصْلٌ: وَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلْبَدَوِيِّ عَلَى الْقَرَوِيِّ، وَلِلْقَرَوِيِّ عَلَى الْبَدَوِيِّ. فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَالْبَتِّيُّ: لَا شُفْعَةَ لِمَنْ لَمْ يَسْكُنْ الْمِصْرَ. وَلَنَا عُمُومُ الْأَدِلَّةِ، وَاشْتِرَاكُهُمَا فِي الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ.

[فَصْلٌ الشُّفْعَة فِي أَرْضِ السَّوَادِ]
(4106) فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: لَا نَرَى فِي أَرْضِ السَّوَادِ شُفْعَةً؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ أَرْضَ السَّوَادِ مَوْقُوفَةٌ، وَقَفَهَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهَا، وَالشُّفْعَةُ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْبَيْعِ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي سَائِرِ الْأَرْضِ الَّتِي وَقَفَهَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهِيَ الَّتِي فُتِحَتْ عَنْوَةً، فِي زَمَنِهِ، وَلَمْ يُقَسِّمْهَا، كَأَرْضِ الشَّامِ، وَأَرْضِ مِصْرَ. وَكَذَلِكَ كُلُّ أَرْضٍ فُتِحَتْ عَنْوَةً، وَلَمْ تُقَسَّمْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِبَيْعِ ذَلِكَ حَاكِمٌ، أَوْ يَفْعَلَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ، ثَبَتَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُ فَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَمَتَى حَكَمَ الْحَاكِمُ فِي الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بِشَيْءِ، نَفَذَ حُكْمُهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 289
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست