responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 279
وَجُمْلَةُ ذَلِكَ، أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا مَاتَ قَبْلَ الْأَخْذِ بِهَا، لَمْ يَخْلُ مِنْ حَالَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ الطَّلَبِ بِهَا، فَتَسْقُطُ، وَلَا تَنْتَقِلُ إلَى الْوَرَثَةِ. قَالَ أَحْمَدُ: الْمَوْتُ يَبْطُلُ بِهِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ؛ الشُّفْعَةُ، وَالْحَدُّ إذَا مَاتَ الْمَقْذُوفُ، وَالْخِيَارُ إذَا مَاتَ الَّذِي اشْتَرَطَ الْخِيَارَ لَمْ يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ.
هَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْأَشْيَاءِ إنَّمَا هِيَ بِالطَّلَبِ، فَإِذَا لَمْ يَطْلُبْ، فَلَيْسَ تَجِبُ، إلَّا أَنْ يُشْهِدَ أَنِّي عَلَى حَقِّي مِنْ كَذَا وَكَذَا، وَأَنِّي قَدْ طَلَبْته، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ، كَانَ لِوَارِثِهِ الطَّلَبُ بِهِ. وَرُوِيَ سُقُوطُهُ بِالْمَوْتِ عَنْ الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ. وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالْعَنْبَرِيُّ: يُورَثُ. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَيَتَخَرَّجُ لَنَا مِثْلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ خِيَارٌ ثَابِتٌ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَالِ، فَيُورَثُ، كَخِيَارِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ.
وَلَنَا، أَنَّهُ حَقُّ فَسْخٍ ثَبَتَ لَا لِفَوَاتِ جُزْءٍ، فَلَمْ يُورَثْ، كَالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ، وَلِأَنَّهُ نَوْعُ خِيَارٍ جُعِلَ لِلتَّمْلِيكِ، أَشْبَهَ خِيَارَ الْقَبُولِ. فَأَمَّا خِيَارُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، فَإِنَّهُ لِاسْتِدْرَاكِ جُزْءٍ فَاتَ مِنْ الْمَبِيعِ. الْحَالُ الثَّانِي، إذَا طَالَبَ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ مَاتَ. فَإِنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ يَنْتَقِلُ إلَى الْوَرَثَةِ، قَوْلًا وَاحِدًا.
ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا نَصَّ أَحْمَدَ عَلَيْهِ. لِأَنَّ الْحَقَّ يَتَقَرَّرُ بِالطَّلَبِ، وَلِذَلِكَ لَا يَسْقُطُ بِتَأْخِيرِ الْأَخْذِ بَعْدَهُ، وَقَبْلَهُ يَسْقُطُ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَصِيرُ الشِّقْصُ مِلْكًا لِلشَّفِيعِ بِنَفْسِ الْمُطَالَبَةِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ غَيْرُ هَذَا، فَإِنَّهُ لَوْ صَارَ مِلْكًا لِلشَّفِيعِ، لَمْ يَصِحَّ الْعَفْوُ عَنْ الشُّفْعَةِ بَعْدَ طَلَبِهَا، كَمَا لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ عَنْهَا بَعْدَ الْأَخْذِ بِهَا.
فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ الْحَقَّ يَنْتَقِلُ إلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ عَلَى حَسَبِ مَوَارِيثِهِمْ، لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ مَوْرُوثٌ، فَيَنْتَقِلُ إلَى جَمِيعِهِمْ، كَسَائِرِ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ، وَسَوَاءٌ قُلْنَا: الشُّفْعَةُ عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ، أَوْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ؛ لِأَنَّ هَذَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ مِنْ مَوْرُوثِهِمْ.
فَإِنْ تَرَكَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ حَقَّهُ، تَوَفَّرَ الْحَقُّ عَلَى سَائِرِ الْوَرَثَةِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا إلَّا الْكُلَّ، أَوْ يَتْرُكُوا، كَالشُّفَعَاءِ إذَا عَفَا بَعْضُهُمْ عَنْ شُفْعَتِهِ؛ لِأَنَّا لَوْ جَوَّزْنَا أَخْذَ بَعْضِ الشِّقْصِ الْمَبِيعِ، تَبَعَّضَتْ الصَّفْقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَهَذَا ضَرَرٌ فِي حَقِّهِ.

[فَصْلٌ أَشْهَدَ الشَّفِيعُ عَلَى مُطَالَبَتِهِ بِهَا لِلْعُذْرِ ثُمَّ مَاتَ]
(4086) فَصْلٌ: وَإِنْ أَشْهَدَ الشَّفِيعُ عَلَى مُطَالَبَتِهِ بِهَا لِلْعُذْرِ، ثُمَّ مَاتَ، لَمْ تَبْطُلْ، وَكَانَ لِلْوَرَثَةِ الْمُطَالَبَةُ بِهَا. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الطَّلَبِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ، يَقُومُ مَقَامَهُ، فَلَمْ تَسْقُطْ الشُّفْعَةُ بِالْمَوْتِ بَعْدَهُ، كَنَفْسِ الطَّلَبِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 279
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست