responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 262
، فَالتَّسْلِيمُ فِي الشُّفْعَةِ مِثْلُهُ، وَكَوْنُ الْأَخْذِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي يَدُلُّ عَلَى قُوَّتِهِ، فَلَا يَمْنَعُ مِنْ اعْتِبَارِهِ فِي الصِّحَّةِ، فَإِذَا أَجَّلْنَاهُ مُدَّةً، فَأَحْضَرَ الثَّمَنَ فِيهَا، وَإِلَّا فَسَخَ الْحَاكِمُ الْأَخْذَ وَرَدَّهُ إلَى الْمُشْتَرِي.
وَهَكَذَا لَوْ هَرَبَ الشَّفِيعُ بَعْدَ الْأَخْذِ. وَالْأَوْلَى أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخَ مِنْ غَيْرِ حَاكِمٍ؛ لِأَنَّهُ فَاتَ شَرْطُ الْأَخْذِ، وَلِأَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَى الْبَائِعِ الْوُصُولُ إلَى الثَّمَنِ، فَمَلَكَ الْفَسْخَ، كَغَيْرِ مَنْ أُخِذَتْ الشُّفْعَةُ مِنْهُ، وَكَمَا لَوْ أَفْلَسَ الشَّفِيعُ، وَلِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ لَا يَقِفُ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ، فَلَا يَقِفُ فَسْخُ الْأَخْذِ بِهَا عَلَى الْحَاكِمِ، كَفَسْخِ غَيْرِهَا مِنْ الْبُيُوعِ، وَكَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَلِأَنَّ وَقْفَ ذَلِكَ عَلَى الْحَاكِمِ يُفْضِي إلَى الضَّرَرِ بِالْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ إثْبَاتُ مَا يَدَّعِيهِ، وَقَدْ يَصْعُبُ عَلَيْهِ حُضُورُ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ لِبُعْدِهِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَلَا يُشْرَعُ فِيهَا مَا يُفْضِي إلَى الضَّرَرِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ الْأَمْرُ عَلَى الْحَاكِمِ، لَمْ يَمْلِكْ الْأَخْذَ إلَّا بَعْدَ إحْضَارِ الثَّمَنِ، لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى هَذَا الضَّرَرِ.
وَإِنْ أَفْلَسَ الشَّفِيعُ، خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَبَيْنَ أَنْ يَضْرِبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِالثَّمَنِ، كَالْبَائِعِ إذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي.

[فَصْل الِاحْتِيَالُ لِإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ]
(4059) فَصْلٌ: لَا يَحِلُّ الِاحْتِيَالُ لِإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ، وَإِنْ فَعَلَ لَمْ تَسْقُطْ. قَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ، وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ الْحِيلَةِ فِي إبْطَالِ الشُّفْعَةِ، فَقَالَ: لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ الْحِيَلِ فِي ذَلِكَ، وَلَا فِي إبْطَالِ حَقِّ مُسْلِمٍ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو أَيُّوبَ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُّ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: مَنْ يَخْدَعْ اللَّهَ يَخْدَعْهُ.
وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ: أَنَّهُمْ لَيُخَادِعُونَ اللَّهَ كَمَا يُخَادِعُونَ صَبِيًّا، لَوْ كَانُوا يَأْتُونَ الْأَمْرَ عَلَى وَجْهِهِ، كَانَ أَسْهَلَ عَلَيَّ.
وَمَعْنَى الْحِيلَةِ أَنْ يُظْهِرُوا فِي الْبَيْعِ شَيْئًا لَا يُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ مَعَهُ، وَيَتَوَاطَئُونَ فِي الْبَاطِنِ عَلَى خِلَافِهِ، مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ شِقْصًا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ يَقْضِيَهُ عَنْهَا عَشْرَةَ دَنَانِيرَ، أَوْ يَشْتَرِيَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَيَقْضِيَهُ عَنْهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ، أَوْ يَشْتَرِيَ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ يَبِيعَهُ الشِّقْصَ بِالْأَلْفِ، أَوْ يَشْتَرِيَ شِقْصًا بِأَلْفٍ، ثُمَّ يُبْرِئَهُ الْبَائِعُ مِنْ تِسْعِمِائَةٍ، أَوْ يَشْتَرِيَ جُزْءًا مِنْ الشِّقْصِ بِمِائَةٍ، ثُمَّ يَهَبَ لَهُ الْبَائِعُ بَاقِيَهُ، أَوْ يَهَبَ الشِّقْصَ لِلْمُشْتَرِي، وَيَهَبَ الْمُشْتَرِي لَهُ الثَّمَنَ، أَوْ يُعْقَدَ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ مَجْهُولِ الْمِقْدَارِ، كَحَفْنَةِ قُرَاضَةٍ، أَوْ جَوْهَرَةٍ مُعَيَّنَةٍ، أَوْ سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ غَيْرِ مَوْصُوفَةٍ، أَوْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلُؤْلُؤَةٍ، وَأَشْبَاهِ هَذَا. فَهَذَا كُلُّهُ إذَا وَقَعَ مِنْ غَيْرِ تَحَيُّلٍ سَقَطَتْ الشُّفْعَةُ.
وَإِنْ تَحَيَّلَا بِهِ عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ، لَمْ تَسْقُطْ، وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ أَوْ قِيمَتِهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ.
وَفِي الثَّانِيَةِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ قِيمَتِهَا ذَهَبًا. وَفِي الثَّالِثَةِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ. وَفِي الرَّابِعَةِ بِالْبَاقِي بَعْدَ الْإِبْرَاءِ، وَهُوَ الْمِائَةُ الْمَقْبُوضَةُ. وَفِي الْخَامِسَةِ يَأْخُذُ الْجُزْءَ الْمَبِيعَ مِنْ الشِّقْصِ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَأْخُذَ الشِّقْصَ كُلَّهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؛

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 262
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست