responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 240
الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ يَشْتَرِي الشِّقْصَ مِنْ الْمُشْتَرِي، فَلَا يَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِهِ. وَبَنَوْا ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَبِيعَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ، فَإِذَا فَاتَ الْقَبْضُ بَطَلَ الْعَقْدُ، وَسَقَطَتْ الشُّفْعَةُ.

[فَصْلٌ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِالْبَيْعِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الْبَيْع فَهَلْ لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ]
(4021) فَصْلٌ: وَإِذَا أَقَرَّ الْبَائِعُ بِالْبَيْعِ، وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي، فَفِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا، لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالْمُزَنِيِّ. وَالثَّانِي، لَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِهَا. وَنَصَرَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ فِي " مَسَائِلِهِ ". وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَابْنِ شُرَيْحٍ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ فَرْعٌ لِلْبَيْعِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فَلَا يَثْبُتُ فَرْعُهُ، وَلِأَنَّ الشَّفِيعَ إنَّمَا يَأْخُذُ الشِّقْصَ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا أَنْكَرَ الْبَيْعَ لَمْ يُمْكِنْ الْأَخْذُ مِنْهُ.
وَوَجْهُ الْأَوَّلِ، أَنَّ الْبَائِعَ أَقَرَّ بِحَقَّيْنِ؛ حَقٍّ لِلشَّفِيعِ، وَحَقٍّ لِلْمُشْتَرِي، فَإِذَا سَقَطَ حَقُّ الْمُشْتَرِي بِإِنْكَارِهِ، ثَبَتَ حَقُّ الشَّفِيعِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِدَارٍ لِرَجُلَيْنِ، فَأَنْكَرَ أَحَدُهُمَا، وَلِأَنَّهُ أَقَرَّ لِلشَّفِيعِ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِأَخْذِ هَذِهِ الدَّارِ، وَالشَّفِيعَ يَدَّعِي ذَلِكَ، فَوَجَبَ قَبُولَهُ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا مِلْكُهُ. فَعَلَى هَذَا يَقْبِضُ الشَّفِيعُ مِنْ الْبَائِعِ، وَيُسَلِّمُ إلَيْهِ الثَّمَنَ، وَيَكُونُ دَرْكُ الشَّفِيعِ عَلَى الْبَائِعِ، لِأَنَّ الْقَبْضَ مِنْهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ الشِّرَاءُ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي. وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ وَلَا لِلْبَائِعِ مُحَاكَمَةُ الْمُشْتَرِي؛ لِيَثْبُتَ الْبَيْعُ فِي حَقِّهِ، وَتَكُونَ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْبَائِعِ الثَّمَنُ، وَقَدْ حَصَلَ مِنْ الشَّفِيعِ، وَمَقْصُودَ الشَّفِيعِ أَخْذُ الشِّقْصِ وَضَمَانُ الْعُهْدَةِ، وَقَدْ حَصَلَ مِنْ الْبَائِعِ، فَلَا فَائِدَةَ فِي الْمُحَاكَمَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا، فَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَدْفَعُ إلَيْك الدَّيْنَ الَّذِي تَدَّعِيهِ، وَلَا تُخَاصِمْهُ. لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ، فَهَلْ لَا قُلْتُمْ هَاهُنَا كَذَلِكَ؟ قُلْنَا: فِي الدَّيْنِ عَلَيْهِ مِنَّةٌ فِي قَبُولِهِ مِنْ غَيْرِ غَرِيمِهِ، وَهَا هُنَا بِخِلَافِهِ، وَلِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي يَدْفَعُهُ الشَّفِيعُ حَقٌّ لِلْمُشْتَرِي عِوَضًا عَنْ هَذَا الْمَبِيعِ، فَصَارَ كَالنَّائِبِ عَنْ الْمُشْتَرِي فِي دَفْعِ الثَّمَنِ، وَالْبَائِعُ كَالنَّائِبِ عَنْهُ فِي دَفْعِ الشِّقْصِ، بِخِلَافِ الدَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُقِرًّا بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي، بَقِيَ الثَّمَنُ الَّذِي عَلَى الشَّفِيعِ لَا يَدَّعِيهِ أَحَدٌ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَقُولُ: هُوَ لِلْمُشْتَرِي. وَالْمُشْتَرِي يَقُولُ: لَا أَسْتَحِقُّهُ. فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ؛ أَحَدُهَا، أَنْ يُقَالَ لِلْمُشْتَرِي: إمَّا أَنْ تَقْبِضَهُ، وَإِمَّا أَنْ تُبْرِئَ مِنْهُ. وَالثَّانِي، يَأْخُذُهُ الْحَاكِمُ عِنْدَهُ. وَالثَّالِثُ، يَبْقَى فِي ذِمَّةِ الشَّفِيعِ. وَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ مَتَى ادَّعَاهُ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي، دُفِعَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَأَحَدِهِمَا.
وَإِنْ تَدَاعَيَاهُ جَمِيعًا، فَأَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِالْبَيْعِ، وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ قَبْضَ الثَّمَنِ، فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ، وَلِأَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَنْكَرَ الْقَبْضَ، لَمْ يَكُنْ مُدَّعِيًا لِهَذَا الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى الشَّفِيعِ ثَمَنًا، إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَقَدْ أَقَرَّ بِالْقَبْضِ مِنْهُ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَدَّعِيهِ، وَقَدْ أَقَرَّ لَهُ بِاسْتِحْقَاقِهِ، فَوَجَبَ دَفْعُهُ إلَيْهِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 240
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست