responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 24
وَلَنَا، أَنَّهَا شَرِكَةٌ فِيهَا عَمَلٌ، فَجَازَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي الرِّبْحِ، كَسَائِرِ الشَّرِكَاتِ. وَقَوْلُ الْقَاضِي: لَا مَالَ لَهُمَا يَعْمَلَانِ فِيهِ. قُلْنَا: إنَّمَا يَشْتَرِكَانِ لِيَعْمَلَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فِيمَا يَأْخُذَانِهِ بِجَاهِهِمَا، كَمَا أَنَّ سَائِرَ الشَّرِكَاتِ إنَّمَا يَكُونُ الْعَمَلُ فِيهَا فِيمَا يَأْتِي، فَكَذَا هَاهُنَا. وَأَمَّا الْمُضَارَبَةُ الَّتِي فِيهَا شَرِكَةٌ وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَ مَالَانِ وَبَدَنُ صَاحِبِ أَحَدِهِمَا، مِثْلُ أَنْ يُخْرِجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفًا، وَيَأْذَنَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فِي التِّجَارَةِ بِهِمَا، فَمَهْمَا شَرَطَا لِلْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ إذَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ مُضَارِبٌ لِصَاحِبِهِ فِي أَلْفٍ، وَلِعَامِلِ الْمُضَارَبَةِ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ.
وَإِنْ شَرَطَا لَهُ دُونَ نِصْفِ الرِّبْحِ، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ يُسْتَحَقُّ بِمَالٍ وَعَمَلٍ، وَهَذَا الْجُزْءُ الزَّائِدُ عَلَى النِّصْفِ الْمَشْرُوطِ لِغَيْرِ الْعَامِلِ لَا مُقَابِلَ لَهُ، فَبَطَلَ شَرْطُهُ. وَإِنْ جَعَلَا الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَلَيْسَ هَذَا شَرِكَةً، وَلَا مُضَارَبَةً؛ لِأَنَّ شَرِكَةَ الْعِنَانِ تَقْتَضِي أَنْ يَشْتَرِكَا فِي الْمَالِ وَالْعَمَلِ، وَالْمُضَارَبَةُ تَقْتَضِي أَنَّ لِلْعَامِلِ نَصِيبًا مِنْ الرِّبْحِ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ، وَلَمْ يَجْعَلَا لَهُ هَاهُنَا فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ شَيْئًا.
وَإِنَّمَا جَعَلَا الرِّبْحَ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ، وَعَمَلُهُ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ تَبَرُّعٌ، فَيَكُونُ ذَلِكَ إبْضَاعًا، وَهُوَ جَائِزٌ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِوَضًا عَنْ قَرْضٍ، فَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ اقْتَرَضَ الْأَلْفَ أَوْ بَعْضَهَا مِنْ صَاحِبِهِ، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ عَمَلَهُ فِي مَالِ صَاحِبِهِ عِوَضًا عَنْ قَرْضِهِ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ. وَأَمَّا إذَا اشْتَرَكَ بَدَنَانِ بِمَالِ أَحَدِهِمَا، مِثْلُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا أَلْفًا وَيَعْمَلَانِ جَمِيعًا فِيهِ، فَإِنَّ لِلْعَامِلِ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُضَارِبٌ مَحْضٌ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَعْمَلْ مَعَهُ رَبُّ الْمَالِ، فَحَصَلَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الشَّرِكَةِ، سَوَاءٌ مَا ذَكَرْنَا فِي الْمُضَارَبَةِ الَّتِي فِيهَا شَرِكَةٌ عَلَى مَا شَرَحْنَا.

[فَصْلٌ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْمُضَارَبَةِ تَقْدِيرُ نَصِيبِ الْعَامِلِ]
فَصْلٌ: وَمَنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْمُضَارَبَةِ تَقْدِيرُ نَصِيبِ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِالشَّرْطِ، فَلَمْ يُقَدَّرْ إلَّا بِهِ. وَلَوْ قَالَ: خُذْ هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةً. وَلَمْ يُسَمِّ لِلْعَامِلِ شَيْئًا مِنْ الرِّبْحِ، فَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ، وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا.
لَكَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا. وَلَنَا، أَنَّ الْمُضَارِبَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِالشَّرْطِ، وَلَمْ يُوجَدْ. وَقَوْلُهُ: مُضَارَبَةً. اقْتَضَى أَنَّ لَهُ جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ مَجْهُولًا، فَلَمْ تَصِحَّ الْمُضَارَبَةُ، كَمَا لَوْ قَالَ: وَلَك جُزْءٌ مِنْ الرِّبْحِ. فَأَمَّا إذَا قَالَ: وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا. فَإِنَّ الْمُضَارَبَةَ تَصِحُّ، وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إلَيْهِمَا إضَافَةً وَاحِدَةً، لَمْ يَتَرَجَّحْ فِيهَا أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، فَاقْتَضَى التَّسْوِيَةَ، كَمَا لَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ بَيْنِي وَبَيْنَك.
وَإِنْ قَدَّرَ نَصِيبَ الْعَامِلِ، فَقَالَ: وَلَك ثُلُثُ الرِّبْحِ، أَوْ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 24
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست