responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 237
إسْقَاطَ حَقِّ الْبَائِعِ مِنْ الْفَسْخِ، وَإِلْزَامَ الْبَيْعِ فِي حَقِّهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَلِأَنَّ الشَّفِيعَ إنَّمَا يَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَنْتَقِلْ الْمِلْكُ إلَيْهِ.
وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، فَقَدْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ إلَيْهِ، وَلَا حَقَّ لِغَيْرِهِ فِيهِ، وَالشَّفِيعُ يَمْلِكُ أَخْذَهُ بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْعِ وَاسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ، فَلَأَنْ يَمْلِكَ ذَلِكَ قَبْلَ لُزُومِهِ أَوْلَى، وَعَامَّةُ مَا يُقَدَّرُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ، كَمَا لَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، كَالْمَذْهَبَيْنِ.
وَلَنَا، أَنَّهُ مَبِيعٌ فِيهِ الْخِيَارُ، فَلَمْ تَثْبُتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ، كَمَا لَوْ كَانَ لِلْبَائِعِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ يُلْزِمُ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَيُوجِبُ الْعُهْدَةَ عَلَيْهِ، وَيُفَوِّتُ حَقَّهُ مِنْ الرُّجُوعِ فِي عَيْنِ الثَّمَنِ، فَلَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، فَإِنَّنَا إنَّمَا مَنَعْنَا مِنْ الشُّفْعَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ خِيَارِ الْبَائِعِ، وَتَفْوِيتِ حَقِّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ فِي عَيْنِ مَالِهِمَا، وَهُمَا فِي نَظَرِ الشَّرْعِ عَلَى السَّوَاءِ.
وَفَارَقَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ؛ فَإِنَّهُ إنَّمَا ثَبَتَ لِاسْتِدْرَاكِ الظَّلَّامَةِ، وَذَلِكَ يَزُولُ بِأَخْذِ الشَّفِيعِ، فَإِنْ بَاعَ الشَّفِيعُ حِصَّتَهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، عَالِمًا بِبَيْعِ الْأَوَّلِ، سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ، وَثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ فِيمَا بَاعَهُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَفِي وَجْهٍ آخَرَ، أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ، بِنَاءً عَلَى الْمِلْكِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لِمَنْ هُوَ مِنْهُمَا. وَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ، فَكَذَلِكَ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ زَالَ قَبْلَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ.
وَيَتَوَجَّهُ عَلَى تَخْرِيجِ أَبِي الْخَطَّابِ أَنْ لَا تَسْقُطَ شُفْعَتُهُ، فَيَكُونُ لَهُ عَلَى هَذَا أَخْذُ الشِّقْصِ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، وَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَأْخُذَ الشِّقْصَ الَّذِي بَاعَهُ الشَّفِيعُ مِنْ مُشْتَرِيهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ شَرِيكًا لِلشَّفِيعِ حِينَ بَيْعِهِ.

[فَصْلٌ بَيْعُ الْمَرِيضِ كَبَيْعِ الصَّحِيحِ فِي الصِّحَّةِ وَثُبُوتِ الشُّفْعَةِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ]
(4018) فَصْلٌ: وَبَيْعُ الْمَرِيضِ كَبَيْعِ الصَّحِيحِ، فِي الصِّحَّةِ، وَثُبُوتِ الشُّفْعَةِ، وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ، إذَا بَاعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، سَوَاءٌ كَانَ لِوَارِثٍ أَوْ غَيْرِ وَارِثٍ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ لِوَارِثِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي حَقِّهِ، فَلَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ، كَالصَّبِيِّ.
وَلَنَا، أَنَّهُ إنَّمَا حُجِرَ عَلَيْهِ فِي التَّبَرُّعِ فِي حَقِّهِ، فَلَمْ يَمْنَعْ الصِّحَّةَ فِيمَا سِوَاهُ، كَالْأَجْنَبِيِّ إذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى التَّبَرُّعِ بِالثُّلُثِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَجْرَ فِي شَيْءٍ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ غَيْرِهِ، كَمَا أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ لَا يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ فِي غَيْرِهِ، وَالْحَجْرَ عَلَى الْمُفْلِسِ فِي مَالِهِ لَا يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ فِي ذِمَّتِهِ. فَأَمَّا بَيْعُهُ بِالْمُحَابَاةِ، فَلَا يَخْلُو؛ إمَّا أَنْ يَكُونَ لِوَارِثٍ أَوْ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ لِوَارِثٍ، بَطَلَتْ الْمُحَابَاةُ؛ لِأَنَّهَا فِي الْمَرَضِ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ، وَالْوَصِيَّةُ لِوَارِثٍ لَا تَجُوزُ، وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي قَدْرِ الْمُحَابَاةِ مِنْ الْمَبِيعِ. وَهَلْ يَصِحُّ فِيمَا عَدَاهُ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ؛ أَحَدُهَا، لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَذَلَ الثَّمَنَ فِي كُلِّ الْمَبِيعِ، فَلَمْ يَصِحَّ فِي بَعْضِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِعَشْرَةٍ. فَقَالَ: قَبِلْت الْبَيْعَ فِي نِصْفِهِ. أَوْ قَالَ: قَبِلْته بِخَمْسَةٍ.
أَوْ قَالَ: قَبِلْت نِصْفَهُ بِخَمْسَةٍ. وَلِأَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْ تَصْحِيحُ الْبَيْعِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَوَاجَبَا عَلَيْهِ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 237
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست