responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 177
[كِتَاب الْغَصْب]
الْغَصْبُ: هُوَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَهُوَ مُحَرَّمٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ. أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] . وقَوْله تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 188] . وقَوْله تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا} [المائدة: 38] .
وَالسَّرِقَةُ نَوْعٌ مِنْ الْغَصْبِ. وَأَمَّا السُّنَّةُ، فَرَوَى جَابِرٌ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي خُطْبَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالُكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ ظُلْمًا، طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرْضِينَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَرَوَى أَبُو حَرَّةَ الرَّقَاشِيُّ، عَنْ عَمِّهِ وَعَمْرِو بْنِ يَثْرِبِيٍّ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئِ مُسْلِمٍ، إلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» . رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُّ. وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيمِ الْغَصْبِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي فُرُوعٍ مِنْهُ.
إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَمَنْ غَصَبَ شَيْئًا لَزِمَهُ رَدُّهُ، مَا كَانَ بَاقِيًا، بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ. لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» . وَلِأَنَّ حَقَّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِ مَالِهِ وَمَالِيَّتِهِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بِرَدِّهِ. فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ، لَزِمَهُ بَدَلُهُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] .
وَلِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ رَدُّ الْعَيْنِ، وَجَبَ رَدُّ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي الْمَالِيَّةِ. ثُمَّ يُنْظَرُ؛ فَإِنْ كَانَ مِمَّا تَتَمَاثَلُ أَجْزَاؤُهُ، وَتَتَفَاوَتُ صِفَاتُهُ، كَالْحُبُوبِ وَالْأَدْهَانِ، وَجَبَ مِثْلُهُ، لِأَنَّ الْمِثْلَ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ الْقِيمَةِ، وَهُوَ مُمَاثِلٌ لَهُ مِنْ طَرِيقِ الصُّورَةِ وَالْمُشَاهَدَةِ وَالْمَعْنَى، وَالْقِيمَةُ مُمَاثِلَةٌ مِنْ طَرِيقِ الظَّنِّ وَالِاجْتِهَادِ، فَكَانَ مَا طَرِيقُهُ الْمُشَاهَدَةُ مُقَدَّمًا، كَمَا يُقَدَّمُ النَّصُّ عَلَى الْقِيَاسِ، لِكَوْنِ النَّصِّ طَرِيقُهُ الْإِدْرَاكُ بِالسَّمَاعِ، وَالْقِيَاسُ طَرِيقُهُ الظَّنُّ وَالِاجْتِهَادُ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَقَارِبِ الصِّفَاتِ، وَهُوَ مَا عَدَا الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ، وَجَبَتْ قِيمَتُهُ، فِي قَوْلِ الْجَمَاعَةِ.
وَحُكِيَ عَنْ الْعَنْبَرِيِّ يَجِبُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُهُ؛ لِمَا رَوَتْ جَسْرَةُ بِنْتُ دَجَاجَةَ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «،

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 177
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست