responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 174
اخْتِيَارِهِ، مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، فَلَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ أَرَادَ إبْقَاءَ بَهِيمَتِهِ فِي دَارِ غَيْرِهِ عَامًا. وَيُفَارِقُ مَبِيتَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَيْهِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِهَا، فَإِذَا تَرَكَهَا اخْتِيَارًا مِنْهُ، كَانَ رَاضِيًا بِهِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا. وَيَكُونُ الزَّرْعُ لِمَالِكِ الْبَذْرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَيْنِ مَالِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ هَذَا الزَّرْعِ حُكْمَ زَرْعِ الْغَاصِبِ، عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِي أَرْضِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ زَرَعَهُ مَالِكُهُ.
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذَا بِغَيْرِ عُدْوَانٍ، وَقَدْ أَمْكَنَ جَبْرُ حَقِّ مَالِكِ الْأَرْضِ، بِدَفْعِ الْأَجْرِ إلَيْهِ. وَإِنْ أَحَبَّ مَالِكُهُ قَلْعَهُ، فَلَهُ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ، وَمَا نَقَصَتْ الْأَرْضُ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ النَّقْصَ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ، لِاسْتِصْلَاحِ مِلْكِهِ، فَأَشْبَهَ الْمُسْتَعِيرَ. وَأَمَّا إنْ كَانَ السَّيْلُ حَمَلَ نَوًى، فَنَبَتَ شَجَرًا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ، كَالزَّيْتُونِ وَالنَّخِيلِ وَنَحْوِهِ، فَهُوَ لِمَالِكِ النَّوَى؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَمَاءِ مِلْكِهِ، فَهُوَ كَالزَّرْعِ، وَيُجْبَرُ عَلَى قَلْعِهِ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ يَدُومُ، فَأُجْبِرَ عَلَى إزَالَتِهِ، كَأَغْصَانِ الشَّجَرَةِ الْمُنْتَشِرَةِ فِي هَوَاءِ مِلْكِ غَيْرِ مَالِكِهَا. وَإِنْ حَمَلَ السَّيْلُ أَرْضًا بِشَجَرِهَا، فَنَبَتَتْ فِي أَرْضِ آخَرَ كَمَا كَانَتْ، فَهِيَ لِمَالِكِهَا، يُجْبَرُ عَلَى إزَالَتِهَا، كَمَا ذَكَرْنَا.
وَفِي كُلِّ ذَلِكَ، إذَا تَرَكَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْمُنْتَقِلَةِ أَوْ الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الَّتِي انْتَقَلَ إلَيْهَا، لَمْ يَلْزَمْهُ نَقْلُهُ وَلَا أَجْرٌ، وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ وَلَا عُدْوَانِهِ، وَكَانَتْ الْخِيرَةُ إلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ الْمَشْغُولَةِ بِهِ، إنْ شَاءَ أَخَذَهُ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ شَاءَ قَلَعَهُ.

[فَصْلٌ اخْتَلَفَ رَبُّ الدَّابَّةِ وَرَاكِبُهَا فَقَالَ الرَّاكِبُ هِيَ عَارِيَّة وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ اكْتَرَيْتهَا]
(3930) فَصْلٌ: وَإِذَا اخْتَلَفَ رَبُّ الدَّابَّةِ وَرَاكِبُهَا، فَقَالَ الرَّاكِبُ: هِيَ عَارِيَّةٌ. وَقَالَ الْمَالِكُ: بَلْ اكْتَرَيْتهَا. فَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ بَاقِيَةً لَمْ تَنْقُصْ، لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ الِاخْتِلَافُ عَقِيبَ الْعَقْدِ، أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أَجْرٌ، فَإِنْ كَانَ عَقِيبَ الْعَقْدِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عَقْدِ الْإِجَارَةِ، وَبَرَاءَةُ ذِمَّةِ الرَّاكِبِ مِنْهَا، فَيَحْلِفُ، وَيَرُدُّ الدَّابَّةَ إلَى مَالِكِهَا؛ لِأَنَّهَا عَارِيَّةٌ.
وَكَذَلِكَ إنْ ادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهَا عَارِيَّةٌ. وَقَالَ الرَّاكِبُ: بَلْ اكْتَرَيْتهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا. وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أَجْرٌ، فَادَّعَى الْمَالِكُ الْإِجَارَةَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ. وَهُوَ مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى تَلَفِ الْمَنَافِعِ عَلَى مِلْكِ الرَّاكِبِ، وَادَّعَى الْمَالِكُ عِوَضًا لَهَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِهِ. وَبَرَاءَةُ ذِمَّةِ الرَّاكِبِ مِنْهُ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ.
وَلَنَا، أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّةِ انْتِقَالِ الْمَنَافِعِ إلَى مِلْكِ الرَّاكِبِ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَالِكِ، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنٍ، فَقَالَ الْمَالِكُ: بِعْتُكَهَا. وَقَالَ الْآخَرُ: وَهَبْتنِيهَا. وَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَجْرِي

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 174
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست