responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 102
وَفَوَاتَ الثَّمَنِ بِتَلَفِهِ، وَإِنْ أَخَّرَهُ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، فَلَمْ يَرْضَ بِهِ الْمُوَكِّلُ، لَمْ يَسْقُطْ رَدُّهُ. وَإِنْ قُلْنَا: الرَّدُّ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّهُ أَخَّرَهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ فِيهِ.
وَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ: مُوَكِّلُك قَدْ عَلِمَ الْعَيْبَ فَرَضِيَهُ. لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ لَمْ يُسْتَحْلَفْ الْوَكِيلُ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عِلْمَهُ، فَيَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ لَا يُسْتَحْلَفُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ كَانَ نَائِبًا فِي الْيَمِينَ، وَلَيْسَ بِصَحِيحِ، فَإِنَّهُ لَا نِيَابَةَ هَاهُنَا، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ، وَهَذَا لَا يَنُوبُ فِيهِ عَنْ أَحَدٍ.
فَإِنْ رَدَّ الْوَكِيلُ، وَحَضَرَ الْمُوَكِّلُ، وَقَالَ: بَلَغَنِي الْعَيْبُ، وَرَضِيت بِهِ. وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ، أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ، لَمْ يَقَعْ الرَّدُّ مَوْقِعَهُ، وَكَانَ لِلْمُوَكِّلِ اسْتِرْجَاعُهُ، وَلِلْبَائِعِ رَدُّهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ بِهِ عَزَلَ الْوَكِيلَ عَنْ الرَّدِّ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ، إلَّا أَنْ نَقُولَ: إنَّ الْوَكِيلَ لَا يَنْعَزِلُ حَتَّى يَعْلَمَ الْعَزْلَ. وَإِنْ رَضِيَ الْوَكِيلُ الْمَعِيبَ، أَوْ أَمْسَكَهُ إمْسَاكًا يَنْقَطِعُ بِهِ الرَّدُّ، فَحَضَرَ الْمُوَكِّلُ، فَأَرَادَ الرَّدَّ، فَلَهُ ذَلِكَ إنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ أَنَّ الشِّرَاءَ لَهُ، أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ. وَإِنْ كَذَّبَهُ وَلَمْ تَكُنْ بِهِ بَيِّنَةٌ، فَحَلَّفَهُ الْبَائِعُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الشِّرَاءَ لَهُ، فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا فَهُوَ لَهُ، وَيَلْزَمُ الْوَكِيلَ، وَعَلَيْهِ غَرَامَةُ الثَّمَنِ. وَهَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لِلْوَكِيلِ شِرَاءُ الْمَعِيبِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ فِي الْبَيْعِ مُطْلَقًا يَدْخُلُ الْمَعِيبُ فِي إطْلَاقِهِ، وَلِأَنَّهُ أَمِينُهُ فِي الشِّرَاءِ، فَجَازَ لَهُ شِرَاءُ الْمَعِيبِ، كَالْمُضَارِبِ. وَلَنَا، أَنَّ الْبَيْعَ بِإِطْلَاقِهِ يَقْتَضِي الصَّحِيحَ دُونَ الْمَعِيبِ، فَكَذَلِكَ الْوَكَالَةُ فِيهِ، وَيُفَارِقُ الْمُضَارَبَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا الرِّبْحُ، وَالرِّبْحُ يَحْصُلُ مِنْ الْمَعِيبِ كَحُصُولِهِ مِنْ الصَّحِيحِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْوَكَالَةِ شِرَاءُ مَا يَقْتَنِي أَوْ يَدْفَعُ بِهِ حَاجَتَهُ، وَقَدْ يَكُونُ الْعَيْبُ مَانِعًا مِنْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ بِهِ وَمِنْ قِنْيَتِهِ، فَلَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ.
وَقَدْ نَاقَضَ أَبُو حَنِيفَةَ أَصْلَهُ؛ فَإِنَّهُ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: 3] : لَا تَجُوزُ الْعَمْيَاءُ وَلَا مَعِيبَةٌ عَيْبًا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ. وَقَالَ هَاهُنَا: يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ شِرَاءُ الْأَعْمَى وَالْمُقْعَدِ وَمَقْطُوعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ.

[فَصْل أَمَرَهُ بِشِرَاءِ سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا فَاشْتَرَاهَا فَوَجَدَهَا مَعِيبَةً]
(3802) فَصْلٌ: وَإِنْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا، فَاشْتَرَاهَا، فَوَجَدَهَا مَعِيبَةً، احْتَمَلَ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ مَوْصُوفَةٍ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَمْلِكَ الرَّدَّ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَطَعَ نَظَرَهُ بِالتَّعْيِينِ، فَرُبَّمَا رَضِيَهُ عَلَى جَمِيعِ صِفَاتِهِ. وَإِنْ عَلِمَ عَيْبَهُ قَبْلَ شِرَائِهِ، فَهَلْ لَهُ شِرَاؤُهُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَيْضًا، مَبْنِيَّيْنِ عَلَى رَدِّهِ إذَا عَلِمَ عَيْبَهُ بَعْدَ شِرَائِهِ.
وَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُ رَدَّهُ. فَلَيْسَ لَهُ شِرَاؤُهُ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ إذَا جَازَ بِهِ الرَّدُّ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَأَنْ يَمْنَعَ مِنْ الشِّرَاءِ أَوْلَى. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَمْلِكُ الرَّدَّ ثَمَّ. فَلَهُ الشِّرَاءُ هَاهُنَا؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ الْمُوَكِّلِ قَطَعَ نَظَرَهُ وَاجْتِهَادَهُ فِي جَوَازِ الرَّدِّ، فَكَذَلِكَ فِي الشِّرَاءِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 5  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست