responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 4  صفحه : 83
يُكَالَ عَلَيْهِ.
وَنَحْوَ هَذَا قَالَ مَالِكٌ، فَإِنَّهُ قَالَ: مَا بِيعَ مِنْ الطَّعَامِ مُكَايَلَةً، أَوْ مُوَازَنَةً، لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَمَا بِيعَ مُجَازَفَةً، أَوْ بِيعَ مِنْ غَيْرِ الطَّعَامِ مُكَايَلَةً، أَوْ مُوَازَنَةً، جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَوَجْهُ ذَلِكَ، مَا رَوَى الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: «مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ مَا أَدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا، فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُبْتَاعِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ تَعْلِيقًا.
وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ مَضَتْ السُّنَّةُ. يَقْتَضِي سُنَّةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَلِأَنَّ الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، فَكَانَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي، كَغَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ. وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ الْمَطْعُومَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مَكِيلًا، أَوْ مَوْزُونًا، أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الطَّعَامَ خَاصَّةً لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَقْبِضَهُ، فَإِنَّ التِّرْمِذِيَّ رَوَى عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ أَرْخَصَ فِي بَيْعِ مَا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ وَلَا يُشْرَبُ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَقَالَ الْأَثْرَمُ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ
قَوْلِهِ: نَهَى عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنْ. قَالَ: هَذَا فِي الطَّعَامِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ، فَلَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: الْأَصَحُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّ الَّذِي يُمْنَعُ مِنْ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ هُوَ الطَّعَامُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ. فَمَفْهُومُهُ إبَاحَةُ بَيْعِ مَا سِوَاهُ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ، قَالَ: «رَأَيْت الَّذِينَ يَشْتَرُونَ الطَّعَامَ مُجَازَفَةً يُضْرَبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَبِيعُوهُ حَتَّى يُؤْوُوهُ إلَى رِحَالِهِمْ» . وَهَذَا نَصٌّ فِي بَيْعِ الْمُعَيَّنِ. وَعُمُومُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا. وَلِمُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «كُنَّا نَشْتَرِي الطَّعَامَ مِنْ الرُّكْبَانِ جُزَافًا، فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانِهِ» .
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى طَعَامًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ، وَلَوْ دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، جَازَ لَهُ بَيْعُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ، كَمَا بَعْدَ الْقَبْضِ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَعْمِيمِ الْمَنْعِ فِي كُلِّ طَعَامٍ، مَعَ تَنْصِيصِهِ عَلَى الْمَبِيعِ مُجَازَفَةً بِالْمَنْعِ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ، وَيَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّ مَا عَدَا الطَّعَامَ يُخَالِفُهُ فِي ذَلِكَ. وَوَجْهُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ الطَّعَامَ الْمَنْهِيَّ عَنْ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَكَادُ يَخْلُو مِنْ كَوْنِهِ مَكِيلًا، أَوْ مَوْزُونًا، أَوْ مَعْدُودًا، فَتَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِذَلِكَ كَتَعَلُّقِ رِبَا الْفَضْلِ بِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ الْمَكِيلَ، وَالْمَوْزُونَ، وَالْمَعْدُودَ مِنْ الطَّعَامِ الَّذِي وَرَدَ النَّصُّ بِمَنْعِ بَيْعِهِ، وَهَذَا أَظْهَرُ دَلِيلًا وَأَحْسَنُ.
إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ إنَّ تَلِفَ الْمَبِيعُ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، بَطَلَ الْعَقْدُ، وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ. وَإِنْ تَلِفَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي، اسْتَقَرَّ الثَّمَنُ عَلَيْهِ، وَكَانَ كَالْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهِ. وَإِنْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ، لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ، عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ فِي الْجَائِحَةِ، وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ فِي يَدِ الْبَائِعِ، فَهُوَ كَحُدُوثِ الْعَيْبِ فِي يَدِهِ، وَبَيْنَ الْبَقَاءِ عَلَى الْعَقْدِ، وَمُطَالَبَةِ الْمُتْلِفِ بِالْمِثْلِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 4  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست