responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 4  صفحه : 66
أَكْثَرَ مَا فِيهِ أَنَّ الْمَبِيعَ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اشْتَرَى ثَمَرَةً، فَحَدَثَتْ ثَمَرَةٌ أُخْرَى، وَلَمْ تَتَمَيَّزْ، أَوْ حِنْطَةً فَانْثَالَتْ عَلَيْهَا أُخْرَى، أَوْ ثَوْبًا، فَاخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ. وَنَقَلَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد، فِي مَنْ اشْتَرَى قَصِيلًا، فَمَرِضَ، أَوْ تَوَانَى حَتَّى صَارَ شَعِيرًا. قَالَ: إنْ أَرَادَ بِهِ حِيلَةً فَسَدَ الْبَيْعُ، وَإِلَّا لَمْ يَفْسُدْ. وَالظَّاهِرُ: أَنَّ هَذِهِ تَرْجِعُ إلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ سَعِيدٍ، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ مَا نَقَلَهُ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ عَلَى مَنْ لَمْ يُرِدْ حِيلَةً، فَإِنْ أَرَادَ الْحِيلَةَ، وَقَصَدَ بِشَرْطِهِ الْقَطْعَ الْحِيلَةَ عَلَى إبْقَائِهِ، لَمْ يَصِحَّ بِحَالٍ، إذْ قَدْ ثَبَتَ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ أَنَّ الْحِيَلَ كُلَّهَا بَاطِلَةٌ.
وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا.» فَاسْتَثْنَى مِنْهُ مَا اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ، فَقَطَعَهُ بِالْإِجْمَاعِ، فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى أَصْلِ التَّحْرِيمِ، وَلِأَنَّ التَّبْقِيَةَ مَعْنًى حَرَّمَ الشَّرْعُ اشْتِرَاطَهُ لِحَقِّ اللَّه تَعَالَى، فَأَبْطَلَ الْعَقْدُ وُجُودَهُ. كَالنَّسِيئَةِ فِيمَا يَحْرُمُ فِيهِ النَّسَاءُ، وَتَرْكِ التَّقَابُضِ فِيمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ، أَوْ الْفَضْلِ فِيمَا يَجِبُ التَّسَاوِي فِيهِ، وَلِأَنَّ صِحَّةَ الْبَيْعِ تَجْعَلُ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى شِرَاءِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، وَتَرْكِهَا حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، وَوَسَائِلُ الْحَرَامِ حَرَامٌ، كَبَيْعِ الْعَيِّنَةِ. وَمَتَى حَكَمْنَا بِفَسَادِ الْبَيْعِ، فَالثَّمَرَةُ كُلُّهَا لِلْبَائِعِ.
وَعَنْهُ، أَنَّهُمَا يَتَصَدَّقَانِ بِالزِّيَادَةِ. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا مُسْتَحَبٌّ لِوُقُوعِ الْخِلَافِ فِي مُسْتَحِقِّ الثَّمَرَةِ، فَاسْتُحِبَّتْ الصَّدَقَةُ بِهَا، وَإِلَّا فَالْحَقُّ أَنَّهَا لِلْبَائِعِ تَبَعًا لِلْأَصْلِ، كَسَائِرِ نَمَاءِ الْمَبِيعِ الْمُتَّصِلِ إذَا رُدَّ عَلَى الْبَائِعِ بِفَسْخٍ أَوْ بُطْلَانٍ. وَنَقَلَ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي " الْإِرْشَادِ "، أَنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي الزِّيَادَةِ.
وَأَمَّا إنْ حَكَمْنَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الزِّيَادَةِ؛ لِحُصُولِهَا فِي مِلْكِهِمَا، فَإِنْ مَلَكَ الْمُشْتَرِي الثَّمَرَةَ، وَمَلَكَ الْبَائِعُ الْأَصْلَ، وَهُوَ سَبَبُ الزِّيَادَةِ. قَالَ الْقَاضِي: الزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي كَالْعَبْدِ إذَا سَمِنَ. وَحَمَلَ قَوْلَ أَحْمَدَ: " يَشْتَرِكَانِ " عَلَى الِاسْتِحْبَابِ. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِمَا ذَكَرْنَا، فَإِنَّ الزِّيَادَةَ حَصَلَتْ مِنْ أَصْلِ الْبَائِعِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقِ تَرْكِهَا، فَكَانَ فِيهَا حَقٌّ لَهُ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ إذَا سَمِنَ، فَإِنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ هَذَا الْمَعْنَى، وَلَا يُشْبِهُهُ، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ قَوْلِ أَحْمَدَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لِلْبَائِعٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي مَا لَيْسَ بِحَقِّ لَهُ، بَلْ ذَلِكَ حَرَامٌ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا، وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُمَا يَتَصَدَّقَانِ بِالزِّيَادَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الْمَبِيعِ زَادَ بِجِهَةٍ مَحْظُورَةٍ، قَالَ الثَّوْرِيُّ: إذَا اشْتَرَى قَصِيلًا يَأْخُذُ رَأْسَ مَالِهِ، وَيَتَصَدَّقُ بِالْبَاقِي. وَلِأَنَّ الْأَمْرَ اشْتَبَهَ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَفِي مُسْتَحِقِّهَا، فَكَانَ الْأَوْلَى الصَّدَقَةَ بِهَا، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا اسْتِحْبَابًا؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ بِالشُّبُهَاتِ مُسْتَحَبَّةٌ.
وَإِنْ أَبَيَا الصَّدَقَةَ بِهَا، اشْتَرَكَا فِيهَا، وَالزِّيَادَةُ هِيَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا حِينَ الشِّرَاءِ، وَقِيمَتِهَا يَوْمَ أَخْذِهَا. قَالَ الْقَاضِي: وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَقِيمَتِهَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا،

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 4  صفحه : 66
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست