responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 4  صفحه : 49
وَالْقَبْضُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حَسْبِهِ، فَفِي التَّمْرِ اكْتِيَالُهُ أَوْ نَقْلُهُ، وَفِي الثَّمَرَةِ التَّخْلِيَةُ. وَلَيْسَ مِنْ شُرُوطِهِ حُضُورُ التَّمْرِ عِنْدَ النَّخِيلِ، بَلْ لَوْ تَبَايَعَا بَعْدَ مَعْرِفَةِ التَّمْرِ وَالثَّمَرَةِ، ثُمَّ مَضَيَا جَمِيعًا إلَى النَّخْلَةِ، فَسَلَّمَهَا إلَى مُشْتَرِيهَا، ثُمَّ مَشَيَا إلَى التَّمْرِ فَتَسَلَّمَهُ مِنْ مُشْتَرِيهَا، أَوْ تَسَلَّمَ التَّمْرَ ثُمَّ مَضَيَا إلَى النَّخْلَةِ جَمِيعًا فَسَلَّمَهَا إلَى مُشْتَرِيهَا، أَوْ سَلَّمَ النَّخْلَةَ، ثُمَّ مَضَيَا إلَى التَّمْرِ فَتَسَلَّمَهُ، جَازَ؛ لِأَنَّ التَّفَرُّقَ لَا يَحْصُلُ قَبْلَ الْقَبْضِ.
إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ بَيْعَ الْعَرِيَّةِ يَقَعُ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا، أَنْ يَقُولَ: بِعْتُك ثَمَرَةَ هَذِهِ النَّخْلَةِ بِكَذَا وَكَذَا مِنْ التَّمْرِ. وَيَصِفُهُ. وَالثَّانِي، أَنْ يَكِيلَ مِنْ التَّمْرِ بِقَدْرِ خَرْصِهَا، ثُمَّ يَقُولَ: بِعْتُك هَذَا بِهَذَا، أَوْ يَقُولَ: بِعْتُك ثَمَرَةَ هَذِهِ النَّخْلَةِ بِهَذَا التَّمْرِ، وَنَحْوَ هَذَا.
وَإِنْ بَاعَهُ بِمُعَيَّنٍ فَقَبْضُهُ بِنَقْلِهِ وَأَخْذِهِ، وَإِنْ بَاعَ بِمَوْصُوفِ فَقَبْضُهُ بِاكْتِيَالِهِ. (2872) الْفَصْلُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا إلَّا لِمُحْتَاجٍ إلَى أَكْلِهَا رُطَبًا، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا لِغَنِيٍّ. وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَأَبَاحَهَا فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ مُطْلَقًا لِكُلِّ أَحَدٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ بَيْعٍ جَازَ لِلْمُحْتَاجِ، جَازَ لِلْغَنِيِّ، كَسَائِرِ الْبِيَاعَاتِ، وَلِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَهْلٍ مُطْلَقَانِ.
وَلَنَا حَدِيثُ «زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، حِينَ سَأَلَهُ، مَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ مَا عَرَايَاكُمْ هَذِهِ؟ فَسَمَّى رِجَالًا مُحْتَاجِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ، شَكَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الرُّطَبَ يَأْتِي وَلَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ يَبْتَاعُونَ بِهِ رُطَبًا يَأْكُلُونَهُ، وَعِنْدَهُمْ فُضُولٌ مِنْ التَّمْرِ، فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَبْتَاعُوا الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ يَأْكُلُونَهُ رُطَبًا.» وَمَتَى خُولِفَ الْأَصْلُ بِشَرْطٍ، لَمْ تَجُزْ مُخَالَفَتُهُ بِدُونِ ذَلِكَ الشَّرْطِ.
وَلِأَنَّ مَا أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ، لَمْ يُبَحْ مَعَ عَدَمِهَا، كَالزَّكَاةِ لِلْمَسَاكِينِ، وَالتَّرَخُّصِ فِي السَّفَرِ. فَعَلَى هَذَا، مَتَى كَانَ صَاحِبُهَا غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَى أَكْلِ الرُّطَبِ، أَوْ كَانَ مُحْتَاجًا، وَمَعَهُ مِنْ الثَّمَنِ مَا يَشْتَرِي بِهِ الْعَرِيَّةَ، لَمْ يَجُزْ لَهُ شِرَاؤُهَا بِالتَّمْرِ، وَسَوَاءٌ بَاعَهَا لِوَاهِبِهَا تَحَرُّزًا مِنْ دُخُولِ صَاحِبِ الْعَرِيَّةِ حَائِطَهُ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ، أَوْ لِغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ يُبَاحُ. وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ وُجِدَتْ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَجَازَ. كَمَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُحْتَاجًا إلَى أَكْلِهَا. وَلَنَا، حَدِيثُ زَيْدٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَالرُّخْصَةُ لِمَعْنًى خَاصٍّ لَا تَثْبُتُ مَعَ عَدَمِهِ، وَلِأَنَّ فِي حَدِيثِ زَيْدٍ وَسَهْلٍ: «يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا» . وَلَوْ جَازَ لِتَخْلِيصِ الْمُعْرِي لَمَا شُرِطَ ذَلِكَ. فَيُشْتَرَطُ إذًا فِي بَيْعِ الْعَرِيَّةِ شُرُوطٌ خَمْسَةٌ، أَنْ يَكُونَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، وَبَيْعُهَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ، وَقَبْضُ ثَمَنِهَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ، وَحَاجَةُ الْمُشْتَرِي إلَى أَكْلِ الرُّطَبِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُ مَا يَشْتَرِي بِهِ سِوَى التَّمْرِ. وَاشْتَرَطَ الْقَاضِي وَأَبُو بَكْرٍ شَرْطًا سَادِسًا، وَهُوَ حَاجَةُ الْبَائِعِ إلَى الْبَيْعِ.
وَاشْتَرَطَ الْخِرَقِيِّ، كَوْنَهَا مَوْهُوبَةً لِبَائِعِهَا. وَاشْتَرَطَ أَصْحَابُنَا لِبَقَاءِ الْعَقْدِ، بِأَنْ يَأْكُلَهَا أَهْلُهَا رُطَبًا. فَإِنْ تَرَكَهَا حَتَّى تَصِيرَ تَمْرًا بَطَلَ الْعَقْدُ. وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 4  صفحه : 49
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست