responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 4  صفحه : 41
الصَّرْفُ: بَيْعُ الْأَثْمَانِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ. وَالْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُتَصَارِفَيْنِ إذَا افْتَرَقَا قَبْلَ أَنْ يَتَقَابَضَا، أَنَّ الصَّرْفَ فَاسِدٌ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إلَّا هَاءَ وَهَاءَ.» وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «بِيعُوا الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ» . «وَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ دَيْنًا، وَنَهَى أَنْ يُبَاعَ غَائِبٌ مِنْهَا بِنَاجِزٍ» كُلُّهَا أَحَادِيثُ صِحَاحٌ.
وَيُجْزِئُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ، وَإِنْ طَالَ، وَلَوْ تَمَاشَيَا مُصْطَحِبَيْنِ إلَى مَنْزِلِ أَحَدِهِمَا، أَوْ إلَى الصَّرَّافِ، فَتَقَابَضَا عِنْدَهُ، جَازَ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا فَارَقَا مَجْلِسَهُمَا.
وَلَنَا أَنَّهُمَا لَمْ يَفْتَرِقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَا فِي سَفِينَةٍ تَسِيرُ بِهِمَا، أَوْ رَاكِبَيْنِ عَلَى دَابَّةٍ وَاحِدَةٍ تَمْشِي بِهِمَا. وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ فِي قَوْلِهِ لِلَّذَيْنِ مَشَيَا إلَيْهِ مِنْ جَانِبِ الْعَسْكَرِ: وَمَا أَرَاكُمَا افْتَرَقْتُمَا. وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ بَطَلَ الصَّرْفُ؛ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ.
وَإِنْ قَبَضَ الْبَعْضَ، ثُمَّ افْتَرَقَا، بَطَلَ فِيمَا لَمْ يَقْبِضْ، وَفِيمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْعِوَضِ. وَهَلْ يَصِحُّ فِي الْمَقْبُوضِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا وَكِيلًا فِي الْقَبْضِ، فَقَبَضَ الْوَكِيلُ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا، جَازَ، وَقَامَ قَبْضُ وَكِيلِهِ مَقَامَ قَبْضِهِ، سَوَاءٌ فَارَقَ الْوَكِيلُ الْمَجْلِسَ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ لَمْ يُفَارِقْهُ. وَإِنْ افْتَرَقَا قَبْلَ قَبْضِ الْوَكِيلِ، بَطَلَ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ شَرْطٌ، وَقَدْ فَاتَ. وَإِنْ تَخَايَرَا قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ، لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَفْتَرِقَا قَبْلَ الْقَبْضِ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَبْطُلَ إذَا قُلْنَا بِلُزُومِ الْعَقْدِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَبْقَ فِيهِ خِيَارٌ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ افْتَرَقَا. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، فَإِنَّ الشَّرْطَ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ، وَقَدْ وُجِدَ، وَاشْتِرَاطُ التَّقَابُضِ قَبْلَ اللُّزُومِ تَحَكُّمٌ بِغَيْرِ دَلِيلٍ. ثُمَّ يَبْطُلُ بِمَا إذَا تَخَايَرَا قَبْلَ الصَّرْفِ، ثُمَّ اصْطَرَفَا، فَإِنَّ الصَّرْفَ يَقَعُ لَازِمًا صَحِيحًا قَبْلَ الْقَبْضِ، ثُمَّ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ.

[فَصْلٌ صَارَفَ رَجُلًا دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ]
(2859) فَصْلٌ: وَلَوْ صَارَفَ رَجُلًا دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ الْعَشَرَةِ كُلِّهَا، فَإِنْ قَبَضَ الْخَمْسَةَ وَافْتَرَقَا، بَطَلَ الصَّرْفُ فِي نِصْفِ الدِّينَارِ. وَهَلْ يَبْطُلُ فِيمَا يُقَابِلُ الْخَمْسَةَ الْمَقْبُوضَةَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَإِنْ أَرَادَ التَّخَلُّصَ، فَسَخَا الصَّرْفَ فِي النِّصْفِ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ عِوَضُهُ، أَوْ يَفْسَخَانِ الْعَقْدَ كُلَّهُ، ثُمَّ يُشْتَرَى مِنْهُ نِصْفُ الدِّينَارِ بِخَمْسَةٍ، وَيَدْفَعُهَا إلَيْهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ الدِّينَارَ كُلَّهُ، فَيَكُونُ مَا اشْتَرَاهُ مِنْهُ لَهُ، وَمَا بَقِيَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ، ثُمَّ يَفْتَرِقَانِ، ثُمَّ إذَا صَارَفَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْبَاقِي لَهُ مِنْ الدِّينَارِ، أَوْ اشْتَرَى بِهِ مِنْهُ شَيْئًا، أَوْ جَعَلَهُ سَلَمًا فِي شَيْءٍ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ، جَازَ، وَكَذَلِكَ إنَّ وَكَّلَهُ فِيهِ.
وَلَوْ اشْتَرَى فِضَّةً بِدِينَارٍ وَنِصْفٍ، وَدَفَعَ إلَى الْبَائِعِ دِينَارَيْنِ، وَقَالَ: أَنْتَ وَكِيلِي فِي نِصْفِ الدِّينَارِ الزَّائِدِ، صَحَّ. وَلَوْ صَارَفَهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ، فَأَعْطَاهُ أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ لِيَزِنَ لَهُ حَقَّهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ، جَازَ،

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 4  صفحه : 41
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست