responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 4  صفحه : 344
تَمْنَعُ الدَّفْعَ عِنْدَ وُجُوبِ ذَلِكَ بِدُونِ حُكْمِ الْحَاكِمِ، وَهَذَا خِلَافُ النَّصِّ، وَلِأَنَّهُ حَجْرٌ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ فَيَزُولُ بِغَيْرِ حُكْمِهِ، كَالْحَجْرِ عَلَى الْمَجْنُونِ، وَبِهَذَا فَارَقَ السَّفِيهَ.
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ يَزُولُ بِزَوَالِ السَّفَهِ. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. فَصَارَ الْحَجْرُ مُنْقَسِمًا إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ، قِسْمٌ يَزُولُ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ، وَهُوَ حَجْرُ الْمَجْنُونِ، وَقِسْمٌ لَا يَزُولُ إلَّا بِحَاكِمِ، وَهُوَ حَجْرُ السَّفِيهِ، وَقِسْمٌ فِيهِ الْخِلَافُ، وَهُوَ حَجْرُ الصَّبِيِّ.

[الْفَصْل الثَّانِي الْيَتِيم لَا يَدْفَع إلَيْهِ مَاله قَبْلَ وُجُودِ أَمْرَيْنِ]
(3470) الْفَصْلُ الثَّانِي، أَنَّهُ لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ مَالُهُ قَبْلَ وُجُودِ الْأَمْرَيْنِ، الْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ وَلَوْ صَارَ شَيْخًا. وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَكْثَرُ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَالْعِرَاقِ، وَالشَّامِ،، وَمِصْرَ، يَرَوْنَ الْحَجْرَ عَلَى كُلِّ مُضَيِّعٍ لِمَالِهِ، صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا.
وَهَذَا قَوْلُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ. وَرَوَى الْجُوزَجَانِيُّ، فِي " كِتَابِهِ "، قَالَ: كَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَلِي أَمْرَ شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ ذِي أَهْلٍ وَمَالٍ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَمْرٌ فِي مَالِهِ دُونَهُ؛ لِضَعْفِ عَقْلِهِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: رَأَيْته شَيْخًا يُخَضِّبُ، وَقَدْ جَاءَ إلَى الْقَاسِمِ بْن مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، ادْفَعْ إلَيَّ مَالِي، فَإِنَّهُ لَا يُوَلَّى عَلَى مِثْلِيٍّ فَقَالَ: إنَّك فَاسِدٌ. فَقَالَ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ، وَكُلُّ مَمْلُوكٍ لَهُ حُرٌّ، إنْ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ مَالِي. فَقَالَ لَهُ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمَا يَحِلُّ لَنَا أَنْ نَدْفَعَ إلَيْك مَالَك عَلَى حَالِك هَذِهِ. فَبَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ، وَقَالَ: هِيَ حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ، وَمَا كُنْت لِأَحْبِسهَا عَلَيْك وَقَدْ فُهْت بِطَلَاقِهَا. فَأَرْسَلَ إلَيْهَا فَأَخْبَرَهَا ذَلِكَ، وَقَالَ: أَمَّا رَقِيقُك فَلَا عِتْقَ لَك، وَلَا كَرَامَةَ. فَحَبَسَ رَقِيقَهُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: مَا كَانَ يُعَابُ عَلَى الرَّجُلِ إلَّا سَفَّهَهُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُدْفَعُ مَالُهُ إلَيْهِ قَبْلَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَإِنْ تَصَرَّفَ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ، فَإِذَا بَلَغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، فُكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ.
وَدُفِعَ إلَيْهِ مَالُهُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [الإسراء: 34] وَهَذَا قَدْ بَلَغَ أَشُدَّهُ، وَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَدًّا، وَلِأَنَّهُ حُرٌّ بَالِغٌ عَاقِلٌ مُكَلَّفٌ، فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ، كَالرَّشِيدِ.
وَلَنَا، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6] . عَلَّقَ الدَّفْعَ عَلَى شَرْطَيْنِ، وَالْحُكْمُ الْمُعَلَّقُ عَلَى شَرْطَيْنِ لَا يَثْبُتُ بِدُونِهِمَا، وَقَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] . يَعْنِي أَمْوَالَهُمْ، وَقَوْلُ اللَّه تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282] فَأَثْبَتِ الْوِلَايَةَ عَلَى السَّفِيهِ، وَلِأَنَّهُ مُبَذِّرٌ لِمَالِهِ، فَلَا يَجُوزُ دَفْعُهُ إلَيْهِ، كَمَنْ لَهُ دُونَ ذَلِكَ.
وَأَمَّا الْآيَةُ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا، فَإِنَّمَا يَدُلُّ بِدَلِيلِ خِطَابِهَا، وَهُوَ لَا يَقُولُ بِهِ، ثُمَّ هِيَ مُخَصَّصَةٌ فِيمَا قَبْلَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً بِالْإِجْمَاعِ، لِعِلَّةِ السَّفَهِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ، فَيَجِبُ أَنْ تُخَصَّ بِهِ أَيْضًا، كَمَا أَنَّهَا لَمَّا خُصِّصَتْ فِي حَقِّ الْمَجْنُونِ لِأَجْلِ جُنُونِهِ قَبْلَ

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 4  صفحه : 344
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست