responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 4  صفحه : 202
لَمْ يُسَمَّ عَلَيْهَا، فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّك لَا تَدْرِي أَيُّهَا قَتَلَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَأَمَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ، فَالظَّاهِرُ إبَاحَتُهَا لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَا يُقِرُّونَ فِي بَلَدِهِمْ بَيْعَ مَا لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ ظَاهِرًا. وَالثَّانِي، مَا أَصْلُهُ الْإِبَاحَةُ، كَالْمَاءِ يَجِدُهُ مُتَغَيِّرًا، لَا يَعْلَمُ أَبِنَجَاسَةٍ تَغَيَّرَ أَمْ بِغَيْرِهَا؟ فَهُوَ طَاهِرٌ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ، فَلَا نَزُولُ عَنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ أَوْ ظَاهِرٍ، وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: «شُكِيَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ، قَالَ: لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالثَّالِثُ، مَا لَا يُعْرَفُ لَهُ أَصْلٌ، كَرَجُلٍ فِي مَالِهِ حَلَالٌ وَحَرَامٌ، فَهَذَا هُوَ الشُّبْهَةُ، الَّتِي الْأَوْلَى تَرْكُهَا، عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَعَمَلًا بِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ وَجَدَ تَمْرَةً سَاقِطَةً، فَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي أَخْشَى أَنَّهَا مِنْ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا» . وَهُوَ مِنْ بَابِ الْوَرَعِ.

[فَصْلٌ حُكْم قَبُول جَوَائِز السُّلْطَانِ]
(3186) فَصْلٌ: وَكَانَ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، لَا يَقْبَلُ جَوَائِزَ السُّلْطَانِ، وَيُنْكِرُ عَلَى وَلَدِهِ وَعَمِّهِ قَبُولَهَا، وَيُشَدِّدُ فِي ذَلِكَ، وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَقْبَلُهَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْقَاسِمُ، وَبِشْرُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَكَانَ هَذَا مِنْهُمْ عَلَى سَبِيلِ الْوَرَعِ وَالتَّوَقِّي، لَا عَلَى أَنَّهَا حَرَامٌ، فَإِنَّ أَحْمَدَ قَالَ: جَوَائِزُ السُّلْطَانِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الصَّدَقَةِ.
وَقَالَ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَّا وَلَهُ فِي هَذِهِ الدَّرَاهِمِ نَصِيبٌ فَكَيْفَ أَقُولُ: إنَّهَا سُحْتٌ؟ وَمِمَّنْ كَانَ يَقْبَلُ جَوَائِزَهُمْ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ، مِثْلُ الْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ. وَرَخَّصَ فِيهِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمَكْحُولٌ، وَالزُّهْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ. وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا، وَمَاتَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَهُ» . «وَأَجَابَ يَهُودِيًّا دَعَاهُ، وَأَكَلَ مِنْ طَعَامِهِ.» وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِجَوَائِزِ السُّلْطَانِ، فَإِنَّ مَا يُعْطِيكُمْ مِنْ الْحَلَالِ أَكْثَرَ مِمَّا يُعْطِيكُمْ مِنْ الْحَرَامِ. وَقَالَ: لَا تَسْأَلْ السُّلْطَانَ شَيْئًا، وَإِنْ أَعْطَى فَخُذْ، فَإِنَّ مَا فِي بَيْتِ الْمَالِ مِنْ الْحَلَالِ أَكْثَرُ مِمَّا فِيهِ مِنْ الْحَرَامِ.
فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فِي مَنْ مَعَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ حَرَامٌ: يَتَصَدَّقُ بِالثَّلَاثَةِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ، فِيهَا عَشْرَةٌ حَرَامٌ، يَتَصَدَّقُ بِالْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا كَثِيرٌ، وَذَاكَ قَلِيلٌ. فَقِيلَ لَهُ: قَالَ سُفْيَانُ: مَا كَانَ دُونَ الْعَشَرَةِ يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ يَخْرُجُ. قَالَ: نَعَمْ، لَا يُجْحَفُ بِهِ. قَالَ الْقَاضِي: وَلَيْسَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ التَّحْدِيدِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى طَرِيقِ الِاخْتِيَارِ؛ لِأَنَّهُ كُلَّمَا كَثُرَ الْحَلَالُ بَعُدَ تَنَاوُلِ الْحَرَامِ، وَشَقَّ التَّوَرُّعُ عَنْ الْجَمِيعِ، بِخِلَافِ الْقَلِيلِ فَإِنَّهُ يَسْهُلُ إخْرَاجُ الْكُلِّ.
وَالْوَاجِبُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ إخْرَاجُ قَدْرِ الْحَرَامِ، وَالْبَاقِي مُبَاحٌ لَهُ؛ وَهَذَا لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ لَمْ يَكُنْ لِتَحْرِيمِ عَيْنِهِ، وَإِنَّمَا حَرُمَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِ بِهِ، فَإِذَا أَخْرَجَ عِوَضَهُ زَالَ التَّحْرِيمُ عَنْهُ، كَمَا

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 4  صفحه : 202
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست