responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 4  صفحه : 109
فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فُصُولٌ خَمْسَةٌ: (2998) الْفَصْلُ الْأَوَّلُ، أَنَّ مَنْ عَلِمَ بِسِلْعَتِهِ عَيْبًا، لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا، حَتَّى يُبَيِّنَهُ لِلْمُشْتَرِي. فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ فَهُوَ آثِمٌ عَاصٍ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ؛ لِمَا رَوَى حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا، وَإِنْ كَذِبَا وَكَتَمَا مُحِقَ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا إلَّا بَيَّنَهُ لَهُ» . وَقَالَ: «مَنْ بَاعَ عَيْبًا لَمْ يُبَيِّنْهُ، لَمْ يَزَلْ فِي مَقْتِ اللَّهِ، وَلَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تَلْعَنُهُ» . رَوَاهُمَا ابْنُ مَاجَهْ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» . وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْد أَهْل الْعِلْمِ، كَرِهُوا الْغِشَّ، وَقَالُوا: هُوَ حَرَامٌ. فَإِنْ بَاعَهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْهُ، فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنْهُمْ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ.
وَلَنَا، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ التَّصْرِيَةِ، وَصَحَّحَ الْبَيْعَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي الْمُصَرَّاةِ؟ فَلَمْ يَذْكُرْ جَوَابًا.

[فَصْلٌ عِلْم بِالْمَبِيعِ عَيْبًا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ]
(2999) الْفَصْلُ الثَّانِي، أَنَّهُ مَتَى عَلِمَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا، لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ، فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ وَالْفَسْخِ، سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ عَلِمَ الْعَيْبَ وَكَتَمَهُ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. لَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا خِلَافًا. وَإِثْبَاتُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخِيَارَ بِالتَّصْرِيَةِ تَنْبِيهٌ عَلَى ثُبُوتِهِ بِالْعَيْبِ. وَلِأَنَّ مُطْلَقَ الْعَقْدِ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ مِنْ الْعَيْبِ؛ بِدَلِيلِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ اشْتَرَى مَمْلُوكًا فَكَتَبَ: هَذَا مَا اشْتَرَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ الْعَدَّاءِ بْنِ خَالِدٍ، اشْتَرَى مِنْهُ عَبْدًا، أَوْ أَمَةً، لَا دَاءَ بِهِ، وَلَا غَائِلَةَ، بَيْعُ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ» . فَثَبَتَ أَنَّ بَيْعَ الْمُسْلِمِ اقْتَضَى السَّلَامَةَ. وَلِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ، وَالْعَيْبُ حَادِثٌ أَوْ مُخَالِفٌ لِلظَّاهِرِ، فَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُحْمَلُ عَلَيْهَا، فَمَتَى فَاتَتْ فَاتَ بَعْضُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ أَخْذُهُ بِالْعِوَضِ، وَكَانَ لَهُ الرَّدُّ، وَأَخْذُ الثَّمَنِ كَامِلًا.

[فَصْلٌ خِيَار الرَّدّ بِالْعَيْبِ عَلَى التَّرَاخِي]
(3000) فَصْلٌ: خِيَارُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ عَلَى التَّرَاخِي، فَمَتَى عَلِمَ الْعَيْبَ، فَأَخَّرَ الرَّدَّ، لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ، حَتَّى يُوجَدَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا. ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي شَيْئًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ؛ إحْدَاهُمَا، هُوَ عَلَى التَّرَاخِي. وَالثَّانِيَةُ، هُوَ عَلَى الْفَوْرِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، فَمَتَى عَلِمَ الْعَيْبَ، فَأَخَّرَ رَدَّهُ مَعَ إمْكَانِهِ، بَطَلَ خِيَارُهُ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِهِ، فَأُسْقِطَ خِيَارُهُ، كَالتَّصَرُّفِ فِيهِ.
وَلَنَا، أَنَّهُ خِيَارٌ لِدَفْعِ ضَرَرٍ مُتَحَقِّقٍ، فَكَانَ عَلَى التَّرَاخِي، كَالْقِصَاصِ، وَلَا نُسَلِّمُ دَلَالَةَ الْإِمْسَاكِ عَلَى الرِّضَا بِهِ.

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 4  صفحه : 109
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست