responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 479
إلْحَاقُ الزَّكَاةِ بِالْقِسْمَةِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنَّ الْقِسْمَةَ لَيْسَتْ عِبَادَةً، وَلَا يُعْتَبَرُ لَهَا نِيَّةٌ، بِخِلَافِ الزَّكَاةِ.

[فَصْلُ تَوَلَّى الْمُزَكَّى تَفْرِقَة الزَّكَاة]
(1762) فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَلِيَ تَفْرِقَةَ الزَّكَاةِ بِنَفْسِهِ؛ لِيَكُونَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ وُصُولِهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ أَوْ الْبَاطِنَةِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: أَعْجَبُ إلَى أَنْ يُخْرِجَهَا، وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى السُّلْطَانِ. فَهُوَ جَائِزٌ.
وَقَالَ الْحَسَنُ وَمَكْحُولٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ يَضَعُهَا رَبُّ الْمَالِ فِي مَوْضِعِهَا. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ احْلِفْ لَهُمْ، وَأَكْذِبْهُمْ، وَلَا تُعْطِهِمْ شَيْئًا، إذَا لَمْ يَضَعُوهَا مَوَاضِعَهَا، وَقَالَ لَا تُعْطِهِمْ: وَقَالَ عَطَاءٌ: أَعْطِهِمْ. إذَا وَضَعُوهَا مَوَاضِعَهَا. فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يُعْطِيهِمْ إذَا لَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ إذَا رَأَيْت الْوُلَاةَ لَا يَعْدِلُونَ، فَضَعْهَا فِي أَهْلِ الْحَاجَةِ مِنْ أَهْلِهَا: وَقَالَ إبْرَاهِيمُ ضَعُوهَا فِي مَوَاضِعِهَا، وَإِنْ أَخَذَهَا السُّلْطَانُ أَجْزَأَك. وَقَالَ سَعِيدٌ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُهَاجِرٍ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ: أَتَيْت أَبَا وَائِلٍ وَأَبَا بُرْدَةَ بِالزَّكَاةِ وَهُمَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، فَأَخَذَاهَا، ثُمَّ جِئْت مَرَّةً أُخْرَى، فَرَأَيْت أَبَا وَائِلٍ وَحْدَهُ. فَقَالَ لِي: رُدَّهَا فَضَعْهَا مَوَاضِعَهَا.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: أَمَّا صَدَقَةُ الْأَرْضِ فَيُعْجِبُنِي دَفْعُهَا إلَى السُّلْطَانِ. وَأَمَّا زَكَاةُ الْأَمْوَالِ كَالْمَوَاشِي، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَضَعَهَا فِي الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ. فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ اسْتَحَبَّ دَفْعَ الْعُشْرِ خَاصَّةً إلَى الْأَئِمَّةِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعُشْرَ قَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّهُ مَئُونَةُ الْأَرْضِ، فَهُوَ كَالْخَرَاجِ يَتَوَلَّاهُ الْأَئِمَّةُ، بِخِلَافِ سَائِرِ الزَّكَاةِ. وَاَلَّذِي رَأَيْت فِي " الْجَامِعِ " قَالَ: أَمَّا صَدَقَةُ الْفِطْرِ، فَيُعْجِبُنِي دَفْعُهَا إلَى السُّلْطَانِ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ لِابْنِ عُمَرَ إنَّهُمْ يُقَلِّدُونَ بِهَا الْكِلَابَ، وَيَشْرَبُونَ بِهَا الْخُمُورَ؟ ، قَالَ: ادْفَعْهَا إلَيْهِمْ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَأَبُو الْخَطَّابِ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى الْإِمَامِ الْعَادِلِ أَفْضَلُ. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.
وَمِمَّنْ قَالَ: يَدْفَعُهَا إلَى الْإِمَامِ؛ الشَّعْبِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو رَزِينٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَعْلَمُ بِمَصَارِفِهَا، وَدَفْعُهَا إلَيْهِ يُبَرِّئُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَدَفْعُهَا إلَى الْفَقِيرِ لَا يُبَرِّئُهُ بَاطِنًا، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ لَهَا، وَلِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الْخِلَافِ، وَتَزُولُ عَنْهُ التُّهْمَةُ.
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَدْفَعُ زَكَاتَهُ إلَى مِنْ جَاءَهُ مِنْ سُعَاةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، أَوْ نَجْدَةَ الْحَرُورِيِّ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: أَتَيْت سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ فَقُلْت: عِنْدِي مَالٌ، وَأُرِيدُ أَنْ أُخْرِجَ زَكَاتَهُ، وَهَؤُلَاءِ الْقَوْمُ عَلَى مَا تَرَى، فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: ادْفَعْهَا إلَيْهِمْ. فَأَتَيْت ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَتَيْت أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَتَيْت أَبَا سَعِيدٍ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ. وَيُرْوَى نَحْوُهُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو عُبَيْدٍ: لَا يُفَرِّقُ الْأَمْوَالَ الظَّاهِرَةَ إلَّا الْإِمَامُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى

نام کتاب : المغني نویسنده : ابن قدامة المقدسي    جلد : 2  صفحه : 479
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست