responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 5  صفحه : 88
وَتَحْرِيرُهُ قِيَاسًا أَنَّ مَا سُلِّمَ بِهِ مِنْ تَحْرِيمِ الرِّبَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً الربا كَالْقَبْضِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ.
فَإِنْ قِيلَ: عِلَّةُ الْحَظْرِ هِيَ زِيَادَةُ الْكَيْلِ قِيلَ: هَذَا قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِ أبي حنيفة عَلَى أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْكَيْلُ عِلَّةً فِي الْحَظْرِ لِأَنَّهُ عَلَمٌ عَلَى الْإِبَاحَةِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْكَيْلُ صِفَةً فِي الْحَظْرِ، لِأَنَّهُ عَلَمٌ عَلَى الْإِبَاحَةِ أَيْضًا.
وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ الْكَيْلَ مَوْضُوعٌ لِمَعْرِفَةِ مَقَادِيرِ الْأَشْيَاءِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ عِلَّةُ الرِّبَا كَالزَّرْعِ وَالْعَدَدِ.
وَالْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ مَنْ جَعَلَ الْكَيْلَ عِلَّةً أَخْرَجَ مِنَ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ مَا لَا يُمْكِنُ كَيْلُهُ لِقِلَّتِهِ، فَجَوَّزَ بَيْعَ تَمْرَةٍ بِتَمْرَتَيْنِ وَكَفِّ طَعَامٍ بِكَفَّيْنِ. وَكُلُّ عِلَّةٍ أَوْجَبَتِ النُّقْصَانَ مِنْ حُكْمِ النَّصِّ لَمْ يَجُزِ اسْتِعْمَالُهَا فِيمَا عَدَاهُ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَعْنَى مَعْقُولُ الِاسْمِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مَا عُقِلَ عَنِ الِاسْمِ رَافِعًا لِمُوجَبِ الِاسْمِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ اسْتِعْمَالَهَا فِيمَا عَدَا الْمَذْكُورِ يُوجِبُ زِيَادَةَ حُكْمٍ، وَمُحَالٌ أَنْ تَكُونَ عِلَّةٌ وَاحِدَةٌ تُوجِبُ نُقْصَانَ الْحُكْمِ مِنَ الْمَذْكُورِ وَالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ لِتَضَادِّ الْمُوجَبَيْنِ. لِأَنَّ أَحَدَهُمَا إِسْقَاطُ حُكْمٍ وَنَفْيُهُ، وَالْآخَرُ إِيجَابُ حُكْمٍ وَإِثْبَاتُهُ.
فَإِنْ قِيلَ مَا لَا يُمْكِنُ كَيْلُهُ غَيْرُ مُرَادٍ بِالنَّصِّ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: لَا تَبِيعُوا الْبُرَّ بِالْبُرِّ إِلَّا كَيْلًا بِكَيْلٍ. فَلَمَّا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مَكِيلًا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَكِيلًا لِأَنَّ حُكْمَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَحُكْمِ الِاسْتِثْنَاءِ فَصَارَ تَقْدِيرُ ذَلِكَ، لَا تَبِيعُوا الْبُرَّ الْمَكِيلَ بِالْبُرِّ الْمَكِيلِ إِلَّا كَيْلًا بِكَيْلٍ، فَعُلِمَ أَنَّ مَا لَيْسَ بِمَكِيلٍ وَلَا يُمْكِنُ كَيْلُهُ غَيْرُ مُرَادٍ بِالنَّصِّ. فَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَعْضَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَلَا يَكُونُ كُلَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: جَاءَنِي النَّاسُ إِلَّا بَنِي تَمِيمٍ لَمْ يَقْتَضِ أَنْ يَكُونَ كُلُّ النَّاسِ بَنِي تَمِيمٍ فَكَذَا إِذَا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ كَيْلًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ كُلُّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَكِيلًا.
وَالْجَوَابُ الثَّانِي: إِنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تَبِيعُوا الْبُرَّ بِالْبُرِّ عَامٌّ فِي الْحَظْرِ، وَقَوْلُهُ إِلَّا كَيْلًا بِكَيْلٍ خَاصٌّ فِي الْإِبَاحَةِ، وَعِلَّةُ الرِّبَا مُسْتَنْبَطَةٌ مِنَ الْحَظْرِ لَا مِنَ الْإِبَاحَةِ، فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ مَا أَوْجَبَتْهُ مِنْ حُكْمِ الْحَظْرِ عَامًّا فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ.
وَالْجَوَابُ الثَّالِثُ: أَنَّ قَلِيلَ التَّمْرِ وَالْبُرِّ مَوْصُوفٌ بِأَنَّهُ مَكِيلٌ؛ لِأَنَّ لَهُ حَظًّا فِي الْمِكْيَالِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوِ احْتَاجَ وَفَاءُ الْمِكْيَالِ إِلَى تَمْرَةٍ فَتَمَّ بِهَا تَمَّ الْكَيْلُ وَحَلَّ الْبَيْعُ. فَلَوْلَا أَنَّ التَّمْرَةَ مَكِيلَةٌ

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 5  صفحه : 88
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست