responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 4  صفحه : 98
لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبَاحَ لُبْسَهُمَا مَقْطُوعَيْنِ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَادِمًا لِلنَّعْلَيْنِ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدِ الشَّرْطُ لَمْ تُوجَدِ الْإِبَاحَةُ.

فَصْلٌ
: فَأَمَّا السَّرَاوِيلُ فَلَا يَجُوزُ لُبْسُهُ مع وجود الإزار فإن لبست مَعَ وُجُودِ الْإِزَارِ افْتَدَى، وَإِنْ عَدِمَ الْإِزَارَ، جَازَ أَنْ يَلْبَسَ السَّرَاوِيلَ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَلْبَسَ السَّرَاوِيلَ؛ لَا مَعَ وُجُودِ الْإِزَارِ، وَلَا مَعَ عَدَمِهِ، فَإِنْ لَبِسَهُ افْتَدَى.
وَقَالَ أبو حنيفة يَجُوزُ أَنْ يَلْبَسَ السَّرَاوِيلَ مَعَ عَدَمِ الْإِزَارِ، وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ مَعَ إِبَاحَتِهِ عِنْدَهُ، اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ مَا لذمته الفدية يلبسه غَيْرُ مَعْذُورٍ، لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ بِلُبْسِهِ وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا كَالْقَمِيصِ، وَلِأَنَّ مَنْ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ بِلُبْسِ الْقَمِيصِ، لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ بِلُبْسِ السَّرَاوِيلِ، كَغَيْرِ الْمَعْذُورِ؛ لِأَنَّ أُصُولَ الْحَجِّ مَوْضُوعَةٌ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمَعْذُورِ، وَغَيْرِ الْمَعْذُورِ، فَمَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ، كَالْحَلْقِ، وَقَتْلِ الصَّيْدِ، كَذَلِكَ هُنَا.
وَالدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا رِوَايَةُ أَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ: " مَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا فليلبس سراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس خُفَّيْنِ ". فَنَصُّ الْخَبَرِ دَلِيلٌ عَلَى مَالِكٍ فِي جَوَازِ لُبْسِهِ، وَفِيهِ دَلِيلَانِ عَلَى أبي حنيفة فِي سُقُوطِ الْفِدْيَةِ فِي لُبْسِهِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ جَعَلَ السَّرَاوِيلَ مَعَ عَدَمِ الْإِزَارِ، فِي حُكْمِ الْمُبَاحَاتِ مِنَ الْمَلْبُوسَاتِ الَّتِي أَضْرَبَ عَنِ النَّهْيِ عَنْهَا، وَلَمْ يُوجِبِ الْفِدْيَةَ فِي لُبْسِهَا.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ جَعَلَهُ بَدَلًا مِنَ الْإِزَارِ عِنْدَ عَدَمِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمِ مُبْدَلِهِ، وَلِأَنَّهُ لُبْسٌ أُبِيحَ بِالشَّرْعِ لَفْظًا، فَوَجَبَ أَنْ لَا تَلْزَمُ فِيهِ الْفِدْيَةُ، كَالْإِزَارِ، وَلِأَنَّهُ لُبْسٌ لَا يُمْكِنُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ إِلَّا بِهِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَلْزَمَ فِيهِ الْفِدْيَةُ، كَالْقَمِيصِ لِلْمَرْأَةِ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى لُبْسِ الْقَمِيصِ، وَاسْتِشْهَادِهِمْ بِالْأُصُولِ، فَالْجَوَابُ عَنْهَا وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنَّ لُبْسَ السَّرَاوِيلِ أُبِيحَ لِسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَذَلِكَ لِأَجْلِ الْغَيْرِ، وَلُبْسُ الْقَمِيصِ، وَحَلْقُ الشَّعْرِ، وَإِنْ أُبِيحَ لَهُ إِذَا اضْطُرَّ إِلَيْهِ لِأَجْلِ نَفْسِهِ، وَالْأُصُولُ فِي الْحَجِّ، مَوْضُوعَةٌ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ مَا أُبِيحَ لِمَعْنًى فِيهِ وَبَيْنَ مَا أُبِيحَ لِمَعْنَى غَيْرِهِ، ألا ترى أن المحرم لم اضْطُرَّ إِلَى أَكْلِ الصَّيْدِ لِمَجَاعَةٍ نَالَتْهُ فَقَتَلَهُ افْتَدَى، وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَبَاحَهُ لِأَجْلِ نَفْسِهِ، وَلَوْ صَالَ عَلَيْهِ الصَّيْدُ فَخَافَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَتَلَهُ لَمْ يَفْتَدِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَبَاحَ قَتْلَهُ لِأَجْلِ الصَّيْدِ.
ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ السَّرَاوِيلَ إِذَا اتَّزَرَ بِهِ ضَاقَ عَنْ سَتْرِ عَوْرَتِهِ، فَاضْطُرَّ إِلَى لُبْسِهِ لِيَسْتُرَ عَوْرَتَهُ وَالْقَمِيصُ إِنِ اتَّزَرَ بِهِ اتَّسَعَ لِسَتْرِ جَمِيعِ عَوْرَتِهِ فَلَمْ يضطر إلى لبسه لستر عَوْرَتَهُ. وَالْقَمِيصُ إِنِ اتَّزَرَ بِهِ اتَّسَعَ لِسَتْرِ جَمِيعِ عَوْرَتِهِ فَلَمْ يُضْطَرَّ إِلَى لُبْسِهِ لِسَتْرِ عورته.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 4  صفحه : 98
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست