responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 4  صفحه : 82
جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُمْ: " إِذَا تَوَجَّهْتُمْ إِلَى مِنًى فَأَهِلُّوا ". وَحَقِيقَةُ الْإِهْلَالِ، إِظْهَارُ الْحَالَةِ بِالتَّلْبِيَةِ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ يَتَعَلَّقُ بِإِفْسَادِهَا الْكَفَّارَةُ، فَوَجَبَ أَلَّا يَصِحَّ الدُّخُولُ فِيهَا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، كَالصَّلَاةِ، لَا يُدْخَلُ فِيهَا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ حَتَّى يُضَمَّ إِلَيْهَا دُخُولُ الْوَقْتِ، ولأنها عِبَادَةٌ شُرِعَ فِي انْتِهَائِهَا ذِكْرٌ، فَاقْتَضَى أَنْ يَجِبَ فِي ابْتِدَائِهَا ذِكْرٌ كَالصَّلَاةِ.
وَالدَّلَالَةِ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ، وَرِوَايَةُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ قَالَ: مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً ". فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ أَحْرَمُوا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ دُونَ التَّلْبِيَةِ، وَمَعْلُومٌ بِرِوَايَةِ جَابِرٍ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ إِلَّا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ. فَثَبُتَ أَنَّ الْإِحْرَامَ يَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُضَمَّ إِلَيْهِ سَوْقُ الْهَدْيِ، وَلَا التَّلْبِيَةُ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَرْبُوعٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ - يَعْنِي فِي الْحَجِّ - فَقَالَ: " الْعَجُّ وَالثَّجُّ ". فَالْعَجُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ، وَالثَّجُّ إِرَاقَةُ دَمِ الْهَدْيِ. فَأَخْرَجَهُمَا مَخْرَجَ الْفَضْلِ، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ، وَمِنْ حُكْمِ الْإِرَاقَةِ أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَلِأَنَّ انْعِقَادَ الْإِحْرَامِ لَا يَقِفُ عَلَيْهَا فَكَذَلِكَ التَّلْبِيَةُ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ يَصِحُّ الْخُرُوجُ مِنْهَا بِغَيْرِ ذِكْرٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَصِحَّ الدُّخُولُ فِيهَا بِغَيْرِ ذِكْرٍ كَالصَّوْمِ، وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ، فَوَجَبَ أَلَّا يَكُونَ الذِّكْرُ فِيهِ شَرْطًا، كَالْوُقُوفِ وَالطَّوَافِ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْخَبَرَيْنِ، فَهُوَ أَنَّ الْإِهْلَالَ عِبَارَةٌ عَنِ الْإِحْرَامِ لَا عَنِ التَّلْبِيَةِ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِهْلَالٌ كَإِهْلَالِ رَسُولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَيْ إِحْرَامٌ كَإِحْرَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الصَّوْمِ، فَمُوجِبُهُ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا فِيهِ بِالنِّيَّةِ وَالْوَقْتِ، وَكَذَا يَقُولُ فِي الْإِحْرَامِ: إِنَّهُ يَكُونُ دَاخِلًا فِيهِ بِالنِّيَّةِ وَالْوَقْتِ.
وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الصَّلَاةِ فَالْمَعْنَى فِيهِ، أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَصِحُّ خُرُوجُهُ مِنْهَا إِلَّا بِذِكْرٍ وَاجِبٍ، لَمْ يَصِحَّ دُخُولُهُ فِيهَا إِلَّا بِذِكْرٍ وَاجِبٍ، وَلَمَّا لَمْ يَفْتَقِرْ خُرُوجُهُ مِنَ الْحَجِّ إِلَى ذِكْرٍ وَاجِبٍ لَمْ يَفْتَقِرْ دُخُولُهُ فِيهِ إِلَى ذِكْرٍ وَاجِبٍ.

فَصْلٌ
: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْإِحْرَامَ يَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ إِحْرَامِهِ: اللَّهُمَّ أَحْرَمَ لَكَ شَعْرِي وَبَشَرِي وَعَظْمِي وَدَمِيَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ السَّلَفِ رَحِمَهُمُ الله.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 4  صفحه : 82
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست