responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 4  صفحه : 358
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَرَ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ لَهَا: تُرِيدِينَ الْحَجَّ؟ فَقَالَتْ: إِنِّي شَاكِيَةٌ، فَقَالَ: حُجِّي وَاشْتَرِطِي أن محلي حيث حبستني. والدلالة مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَوْ جَازَ لَهَا الْخُرُوجُ بِالْمَرَضِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، لَأَخْبَرَهَا وَلَمْ يُعَلِّقْهُ بِالشَّرْطِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ عَلَّقَ جَوَازَ إِحْلَالِهَا مِنَ الْمَرَضِ بِالشَّرْطِ، وَالْحُكْمُ الْمُعَلَّقُ بِشَرْطٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ، وَيَنْتَفِي عِنْدَ عَدَمِهِ؛ وَلِأَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَذَلِكَ مَا رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّجِسْتَانِيِّ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْبَصْرَةِ خَرَجَ لِيَحُجَّ، فَوَقَعَ مِنْ على بَعِيرِهِ، فَانْكَسَرَتْ فَخِذُهُ فَمَضَوْا إِلَى مَكَّةَ وَبِهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَالنَّاسُ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ أحدٌ فِي التَّحَلُّلِ، فَبَقِيَ سَبْعَةَ أشهرٍ، ثُمَّ تَحَلَّلَ بعمرةٍ، وَلَيْسَ يُعْرَفُ مِنَ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ لِهَذَا الْقَوْلِ، فَثَبَتَ أَنَّهُ إِجْمَاعٌ، وَلِأَنَّ الْمَرَضَ مَعْنًى لَا يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ الْحَجِّ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يُعِيدَ التَّحَلُّلَ مِنْهُ، كَالصُّدَاعِ طَرْدًا، أَوْ كَانْسِدَادِ الطَّرِيقِ عَكْسًا؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِتَحَلُّلِهِ التَّخَلُّصَ مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْأَذَى الَّذِي هُوَ فِيهِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ التَّحَلُّلُ، كَضَالِّ الطَّرِيقِ طَرْدًا، وَكَالْمُحْصَرِ عَكْسًا.
فَإِنْ قِيلَ: فَالْمُحْصَرُ إِذَا حَصَرَهُ الْعَدُوُّ مِنْ سَائِرِ جِهَاتِهِ، لَهُ التَّحَلُّلُ وَلَا يَسْتَفِيدُ بِهِ التَّخَلُّصَ مِنَ الْأَذَى الَّذِي هُوَ فِيهِ. قِيلَ: لَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ فِيهِ نَصٌّ، وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ، كَالْمَرِيضِ.
وَالثَّانِي: لَهُ التَّحَلُّلُ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَفِيدُ بِهِ التَّخَلُّصَ مِنْ بَعْضِ الْأَذَى، فَإِنْ لَمْ يَسْتَفِدْ بِهِ التَّخَلُّصَ مِنْ جَمِيعِهِ، وَهُوَ الْعَدُوُّ الَّذِي فِي وَجْهِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِحْلَالِ وَالْعَوْدِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى لِقَائِهِ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ فَهُوَ أَنَّهُمْ قَالُوا: إنها في الإحصار بالمرض كان فَاسِدًا؛ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالصَّحَابَةُ مُحَاصَرُونَ بِالْعَدُوِّ.
فَإِنْ قَالُوا: اللَّفْظُ مُسْتَعْمَلٌ فِي إِحْصَارِ الْمَرَضِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ: أَحْصَرَهُ الْمَرَضُ، وَحَصَرَهُ الْعَدُوُّ.
قُلْنَا: قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْإِحْصَارَ بالعدو مراداً، وَإِذَا كَانَ مُرَادًا كَانَ اللَّفْظُ مُسْتَعْمَلًا فِيهِ مَجَازًا، وَاللَّفْظَةُ الْوَاحِدَةُ إِذَا أُرِيدَ بِهَا الْمَجَازُ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْحَقِيقَةُ أَيْضًا حَتَّى تَصِيرَ مُسْتَعْمَلَةً فِيهِمَا جَمِيعًا عَلَى قَوْلِ أبي حنيفة، وَأَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وَإِنْ قَالُوا: إِنَّ ذَلِكَ مُسْتَعْمَلٌ فِيهِمَا حَقِيقَةً، وَعُمُومَ اللَّفْظِ يَتَنَاوَلُهَا.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 4  صفحه : 358
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست