responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 4  صفحه : 353
كَمَالِ الْحَجِّ؛ وَلِأَنَّ دَمَ الْإِحْصَارِ إِنَّمَا وَجَبَ بَدَلًا عَمَّا أَحَلَّ بِفِعْلِهِ مِنَ الْأَرْكَانِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَحَلَّلَ قَبْلَ نَحْرِهِ، وَإِذَا كَانَ الدَّمُ بَدَلًا مِنْهَا، وَجَبَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ الْقَضَاءُ كَمَا لَوْ أَكْمَلَهَا.
فَإِنْ قِيلَ: فَيَجِبُ عَلَى هَذَا أَنْ لَا يَلْزَمَ الْفَائِتَ الْقَضَاءُ.
قُلْنَا: دَمُ الْفَوَاتِ وَجَبَ لِأَجْلِ التَّأْخِيرِ بَدَلًا مِنَ الْأَفْعَالِ.
فَإِنْ قِيلَ: إِذَا قَامَ الدَّمُ مَقَامَ الْأَفْعَالِ، يَجِبُ أَنْ يُجْزِئَهُ ذَلِكَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ.
قُلْنَا: قَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ بَدَلًا عَنِ الشَّيْءِ فِي حُكْمٍ، وَلَا يَكُونُ بَدَلًا عَنْهُ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ، كَالتَّيَمُّمِ بَدَلٌ مِنَ الطَّهَارَةِ فِي سُقُوطِ الْفَرْضِ، وَلَيْسَ هُوَ ببدلٍ عَنْهُ فِي أَنْ يُؤَدِّيَ بِهِ كُلَّ فَرْضٍ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ الْحَجَّاجِ، يقتضي أَنَّ الْمُتَحَلِّلَ بِالْمَرَضِ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ، وَلَنَا فِيهِ كَلَامٌ سَيَأْتِي.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَضَى عُمْرَتَهُ، وَسَمَّاهَا عُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ وَالْقَضَاءِ.
قُلْنَا: هَذِهِ التَّسْمِيَةُ لَيْسَتْ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولا من أصحابه، وإنما هو مِنْ أَهْلِ السِّيَرِ وَالْمَغَازِي، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى أَنَّهَا سُمِّيَتْ عُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ وَالْقَضَاءِ؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَاضَى عَلَيْهَا سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو عَلَى أَنْ يَرْجِعَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ عُمْرَةَ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّهُ اقْتَصَّ مِنْهُمْ حِينَ مَنَعُوهُ، وَفِيهَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {والحُرُمَاتُ قِصَاصٌ) {البقرة: 194) ، وَأَمَّا عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَكَانَتْ قَارِنَةً؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَهَا: " طَوَافُكِ بِالْبَيْتِ يَكْفِيكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ ".
وَأَمَّا قِيَاسُهُ عَلَى الْفَوَاتِ، فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْغَالِبَ مِنَ الْفَوَاتِ حُدُوثُهُ مِنْ تَفْرِيطٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْإِحْصَارُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا لَزِمَهُ بَعْدَ الْفَوَاتِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَفْعَالِ، لَزِمَهُ الْقَضَاءُ، وَلَمَّا لَمْ يَلْزَمْهُ بَعْدَ تَحَلُّلِ الْإِحْصَارِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ.
وَأَمَّا الْإِحْصَارُ الخاص، ففيه قولان:
أحدهما: لا قضاء، فعل هذا قد اسْتَوَيَا.
وَالثَّانِي: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، فَعَلَى هَذَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: قَدْ ذَكَرْنَاهُ: وَهُوَ لُحُوقُ الْمَشَقَّةِ الْغَالِبَةِ فِي الْعَامِ، وَعَدَمُهَا فِي الْخَاصِّ.
وَالثَّانِي: أَنَّ فِي الْإِحْصَارِ الْعَامِّ يَمْتَنِعُ سُلُوكُ الطَّرِيقِ، وَذَلِكَ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ، فَسَقَطَ الْقَضَاءُ، وَفِي الْخَاصِّ لَا يَمْتَنِعُ سُلُوكُ الطريق، فوجب القضاء.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 4  صفحه : 353
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست