responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 4  صفحه : 333
قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الشِّيَاعُ دُعَاءُ الدَّاعِي، أَيْ: يتابع بيته في الطيران؛ لأنه منع بَعْضُهُ بَعْضًا، وَيَأْتَلِفُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشَايَعَ كَمَا تُشَايَعُ الْغَنَمُ، فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا سَأَلَتْ رَبَّهَا أَنْ يُطْعِمَهَا لَحْمًا لَا دَمَ فِيهِ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ صَيْدَ الْبَحْرِ لا دم فيه، فأطعمها الجراد، وليس من صَيْدِ الْبَرِّ لَحْمٌ لَا دَمَ فِيهِ سِوَى الْجَرَادِ.
وَالثَّانِي: قَوْلُ مَرْيَمَ: اللَّهُمَّ أَعِشْهُ بِغَيْرِ رضاعٍ، وَتَابِعْ بَيْتَهُ بِغَيْرِ شياعٍ، فَدَعَتْ رَبَّهَا أَنْ يَخُصَّهُ بِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مَخْصُوصًا، فَعُلِمَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ دَعْوَتِهَا يَعِيشُ بِرِضَاعٍ، وَلَا يَجْتَمِعُ بِغَيْرِ شِيَاعٍ، وَذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ صَيْدِ الْبَرِّ؛ وَلِأَنَّ صَيْدَ الْبَحْرِ: مَا كَانَ عَيْشُهُ فِي الْبَحْرِ، وَعَيْشُ الْجَرَادِ فِي الْبَرِّ، وَمَوْتُهُ فِي الْبَحْرِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ دُونَ الْبَحْرِ، وَإِذَا كَانَ هَكَذَا وَجَبَ فِيهِ الْجَزَاءُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) {المائدة: 95) وَرَوَى يُوسُفُ بْنُ مَاهِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ أَقْبَلَ مَعَ مُعَاذِ بْنِ جبلٍ وَكَعْبِ الْأَحْبَارِ فِي أناسٍ محرمين من بيت المقدس بغمرةٍ، حَتَى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، وكعبٌ عَلَى نارٍ يَصْطَلِي مَرَّ بِهِ رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ، فَأَخَذَ جَرَادَتَيْنِ فَقَتَلَهُمَا وَنَسِيَ إِحْرَامَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ إِحْرَامَهُ فَأَلْقَاهُمَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قَصَّ كَعْبٌ قصة الجرادتين على عمر قال: مَا جَعَلْتَ فِي نَفْسِكَ، قَالَ: دِرْهَمَيْنِ، قَالَ عُمَرُ: بخٍ دِرْهَمَانِ خيرٌ مِنْ مِائَةِ جرادةٍ، فَدَلَّ حَدِيثُ كَعْبٍ عَلَى جَوَازِ الْإِحْرَامِ قَبْلَ الْمِيقَاتِ، وَأَنَّ قَاتِلَ الصَّيْدِ نَاسِيًا كَالْعَامِدِ، وَأَنَّ الْجَرَادَ مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ، وَأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْجَزَاءِ وأن فيه قيمته؛ لأنه صَيْدٌ مَأْكُولٌ يَأْوِي الْبَرَّ.
فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا بِالْجَزَاءِ كَسَائِرِ الْصُّيُودِ، فَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِالْخَبَرِ فَضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ أَبَا الْمُهَزِّمِ مَجْهُولٌ، وَأَمَّا جَوَازُ أَكْلِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يَمْنَعُ مِنَ اخْتِلَافِ حُكْمِهَا فِي الْحَيَاةِ.

فَصْلٌ
: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْجَزَاءِ، فَفِيهِ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ، فَإِنْ قَتَلَ جَرَادَةً فِي الْحَرَمِ، أَوْ في الإحرام فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْإِمْلَاءِ: عَلَيْهِ تَمْرَةٌ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا أكثر من تمرة فعليه قيمتها، وإن كانت قِيمَتُهَا أَقَلَّ مِنْ تَمْرَةٍ أَحْبَبْتُ أَلَّا تَنْقُصَ عَنْ تَمْرَةٍ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ قَبِيحٌ أَنْ يُتَصَدَّقَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ جَرَادًا كَثِيرًا احْتَاطَ حَتَّى يَعْلَمَ قَدْرَهُ فَتَكُونَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ طَعَامًا أَوْ تَمْرًا يَتَصَدَّقُ بِهِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ: وَالدَّبَاءُ جَرَادٌ صِغَارٌ فَفِي الدَّبَاةِ مِنْهُ أَقَلُّ مِنْ تَمْرَةٍ إِنْ شَاءَ الَّذِي يفديه أو لقيمة صغير وَمَا فَدَاهُ بِهِ فَهُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَإِذَا كسر بيض الجراد فداه، وما فدا به كل

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 4  صفحه : 333
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست