responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 4  صفحه : 284
مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ) {المائدة: 95) فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ به معتمداً لِقَتْلِهِ نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مُتَعَمِّدًا لِقَتْلِهِ ذَاكِرًا لِإِحْرَامِهِ فَإِذَا احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ يُحْمَلُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْعُمُومِ يَتَنَاوَلُهَا، وَدَاوُدُ يُخْرِجُ مِنَ الْعُمُومِ أَحَدَهُمَا، وَرَوَى مُخَارِقٌ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: خَرَجْنَا مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فَرُحْنَا عَشِيَّةً فَبَدَا لَنَا ضَبٌّ فَابْتَدَرْنَاهُ وَنَسِينَا إِهْلَالَنَا فِي الْحَجِّ فَانْصَدَرَ إِلَيْهِ رجلٌ مِنَّا يُقَالُ لَهُ أَرْبَدُ فَقَتَلَهُ فَقُلْنَا مَا صَنَعْتُمُ أَلَسْنَا مُحْرِمِينَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ صَارَ إِرْبَدُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ احْكُمْ فَقَاْلَ: فَأَنْتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَأَعْلَمُ مِنِّي قَالَ: إِنِّي لَمْ أَقُلْ لَكَ أَنْ تُزَكِّيَنِي وَلَكِنِ احْكُمْ قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ جِدْيًا قَدْ جَمَعَ الْمَاءَ وَالشَّجَرَ يَقُولُ قَدْ أَكَلَ وَشَرِبَ قَالَ: فَهُوَ كَمَا حَكَمْتَ فَمَوْضِعُ الدَّلَالَةِ مِنْ هَذَا اسْتِفَاضَةُ حُكْمِ الْجَزَاءِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، والتابعين مِنْ غَيْرِ شَكٍّ، أَوْ نِزَاعٍ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إِجْمَاعٌ، أَوْ كَالْإِجْمَاعِ، وَلِأَنَّهَا نَفْسٌ مَضْمُونَةٌ بِالتَّكْفِيرِ عَمْدًا فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً بِالتَّكْفِيرِ خَطَأً كَالْآدَمِيِّ؛ وَلِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَجِبُ الْغُرْمُ بِإِتْلَافِهِ فَالْعَمْدُ وَالْخَطَأُ فِيهِ سَوَاءٌ كَأَمْوَالِ الأدميين.
فأما استدلالهم بالآية فقد جعلنها دَلِيلًا عَلَيْهِ وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِالْخَبَرِ فَمَحْمُولٌ عَلَى رَفْعِ الْإِثْمِ وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الطِّيبِ وَاللِّبَاسِ فَالْمَعْنَى فِي الطِّيبِ وَاللِّبَاسِ أَنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ فَافْتَرَقَ حُكْمُ عَمْدِهِ وَسَهْوِهِ وَقَتْلُ الصَّيْدِ إِتْلَافٌ فَاسْتَوَى حكم عمده وسهوه.

فصل
: وأما العائد فِي قَتْلِهِ وَهُوَ أَنْ يَقْتُلَ صَيْدًا فَيَفْدِيَهُ أَوَّلًا بِفِدْيَةٍ، ثُمَّ يَقْتُلَ صَيْدًا ثَانِيًا فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ ثَانٍ.
وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الظَّاهِرِيُّ: لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي وَلَوْ عَادَ مِائَةَ مَرَّةٍ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْجَزَاءُ بِالْمَرَّةِ الْأَوْلَى وَهُوَ فِي الصَّحَابَةِ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِي التَّابِعَيْنِ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَشُرَيْحٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَالنَّخْعِيِّ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءُ} (المائدة: 95) فَعَلَّقَ وُجُوبَ الْجَزَاءِ عَلَى لَفْظِ " مَنْ " وَالْحُكْمُ إِذَا تَعَلَّقَ بِلَفْظِ " مَنِ " اقْتَضَى مَرَّةً وَاحِدَةً، وَلَمْ يَتَكَرَّرِ الْحُكْمُ بِتَكْرَارِ الْفِعْلِ كَقَوْلِهِمْ: مَنْ دَخَلَ دَارِي فَلَهُ دِرْهَمٌ، فَإِذَا دَخَلَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً اسْتَحَقَّ دِرْهَمًا، وَلَوْ عَادَ فِي دُخُولِهَا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، وَكَمَا لَوْ قَالَ لِنِسَائِهِ: مَنْ خَرَجَتْ مِنَ الدَّارِ فَهِيَ طَالِقٌ، فَخَرَجَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ طُلِّقَتْ، وَلَوْ عَادَتْ فَخَرَجَتْ ثَانِيَةً لَمْ تُطَلَّقْ، كَذَلِكَ قَاتِلُ الصَّيْدِ إِذَا قَتَلَهُ مَرَّةً لَزِمَهُ الْجَزَاءُ وَلَوْ عَادَ لِقَتْلِهِ لَمْ يَكُنْ يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ. قَالُوا: وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي سِيَاقِ الْآيَةِ {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِم اللهُ مِنْهُ} فَأَخْبَرَ بِأَنَّ حُكْمَ الْعَائِدِ الِانْتِقَامُ مِنْهُ كَمَا أَخْبَرَ أَنَّ حُكْمَ الْمُبْتَدِئِ الْجَزَاءُ، فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا حُكْمَ لِلْعَائِدِ غَيْرُ الِانْتِقَامِ كَمَا أَنْ لَا حُكْمَ لِلْمُبْتَدِئِ غَيْرُ الْجَزَاءِ، وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءَ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) {المائدة: 95) وَفِي هَذِهِ الآية دليلان:

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 4  صفحه : 284
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست