responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 4  صفحه : 26
بَرَاءَةٌ، فَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا فَلِمَ أَنْفَذَهُ؟ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَعْذُورٍ فَلِمَ أَخَّرَهُ؟ وَلَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَمْنُوعًا مِنَ الْحَجِّ، لَكَانَ مَمْنُوعًا مِنَ الْعُمْرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ، وَلَوْ كَانَ خَائِفًا عَلَى أَصْحَابِهِ لَمَا أَنْفَذَهُمْ مَعَ أَبِي بَكْرٍ سَنَةَ تِسْعٍ فَسَقَطَ مَا قَالُوهُ، فَإِنْ قِيلَ: إِنَّمَا تَأَخَّرَ لِيَتَكَامَلَ الْمُسْلِمُونَ فَيُبَيِّنَ الْحَجَّ لِجَمِيعِهِمْ، وَهَذَا مَعْنًى يَخْتَصُّ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ، قِيلَ: هَذَا ظَنٌّ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَأَخَّرَ لِلْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا، لِيُبَيِّنَ جَوَازَ التَّأْخِيرِ، وَلِيُبَيِّنَ لَهُمْ نُسُكَهُمْ، وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ، مَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: من أراد الحج فليتعجل فعلته بِالْإِرَادَةِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ الْحَجَّ عَنْ وَقْتِ الْإِمْكَانِ، ثُمَّ فَعَلَهُ فِيمَا بَعْدُ لَمْ يُسَمَّ قَاضِيًا، وَلَا نُسِبَ إِلَى التَّفْرِيطِ فَعُلِمَ أَنَّ وَقْتَهُ مُوَسَّعٌ، وَأَنَّ تَأْخِيرَهُ جَايِزٌ أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّوْمَ لَمَّا كَانَ وَقْتُهُ مُضَيَّقًا سُمِّيَ مَنْ أَخَّرَ فِعْلَهُ قَاضِيًا، وَإِنْ شِئْتَ حَرَّرَتْ هَذَا الْمَعْنَى عَلَيْهِ فَقُلْتَ: لِأَنَّهُ أُتِيَ بِالْحَجِّ فِي وَقْتٍ لَمْ يَزُلْ عَنْهُ اسْمُ الْأَدَاءِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ وَقْتًا لَهُ أَصْلُهُ إِذَا حَجَّ عُقَيْبَ الْإِمْكَانِ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ وُسِّعَ وَقْتُ افْتِتَاحِهَا فَوَجَبَ أَنْ يُوَسَّعَ وَقْتُ أَدَائِهَا كَالصَّلَاةِ، فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: عَجِّلُوا الْحَجَّ قَبْلَ أَنْ يَمْرَضَ الصَّحِيحُ قِيلَ: قَدْ بَيَّنَ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ أَمَرَ بِالتَّعْجِيلِ، وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ خَوْفَ الْمَرَضِ، وَكَذَا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ " حُجُّوا قَبْلَ أَنْ لَا تَحُجُّوا فَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَإِنَّمَا وَرَدَ فِيمَنْ مَاتَ قَبْلَ فِعْلِهِ، وَنَحْنُ نَأْمُرُ بِفِعْلِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الصَّوْمِ، فَالْمَعْنَى فِيهِ: أَنَّهُ يُسَمَّى قَاضِيًا بِتَأْخِيرِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إِنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ أَدَائِهِ مَاتَ آثِمًا عَاصِيًا قُلْنَا: مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ نَسَبَهُ إِلَى الْمَعْصِيَةِ، كَمَا يُنْسَبُ تَارِكُ الصَّلَاةِ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا حَتَّى يَعْرِضَ لَهُ عَجْزٌ أَوْ مَوْتٌ إِلَى التَّفْرِيطِ لَا إِلَى الْمَعْصِيَةِ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ نَسَبَهُ إِلَى الْمَعْصِيَةِ وَقَالَ: إِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ التَّأْخِيرُ مَا أَمِنَ الْفَوَاتَ، كَمَا أُبِيحَ لِلرَّجُلِ ضَرْبُ امْرَأَتِهِ عَلَى شُرُوطِ السَّلَامَةِ، فَإِنْ أَدَّى إِلَى التَّلَفِ عُلِمَ أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْإِبَاحَةِ، وَإِذَا قُلْنَا: إِنَّهُ مُفْرِطٌ عَاصٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: مُفْرِطٌ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ إِمْكَانِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مُفْرِطٌ مِنْ آخِرِ وَقْتِ إِمْكَانِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 4  صفحه : 26
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست