responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 4  صفحه : 218
الْأَوَّلُ، فَلَمَّا كَانَ تَرْكُ الرَّمْيِ لَا يُفْسِدُ الْحَجَّ فَالْوَطْءُ الَّذِي مُنِعَ مِنْهُ لِأَجْلِ الرَّمْيِ أَوْلَى أَنْ لَا يُفْسِدَ الْحَجَّ.
وَدَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ) {البقرة: 197) فَنَهَى عَنِ الْجِمَاعِ فِيهِ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَلِأَنَّهُ وَطْءُ عَمْدٍ صَادَفَ إِحْرَامًا لَمْ يَتَحَلَّلْ شَيْءٌ مِنْهُ فَوَجَبَ أَنْ يُفْسِدَهُ كَالْوَطْءِ قَبْلَ الْوُقُوفِ، وَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَجْمَعُ تَحْرِيمًا وَتَحْلِيلًا فَجَازَ أَنْ يَطْرَأَ الْفَسَادُ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ يَقَعَ الْإِحْلَالُ مِنْهَا كَالصَّلَاةِ، فَإِنْ قِيلَ الْمَعْنَى فِي الصَّلَاةِ وُرُودُ الْفَسَادِ عَلَيْهَا مَعَ بَقَاءِ شَيْءٍ مِنْ إِحْرَامِهَا، وَالْحَجُّ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْفَسَادُ بَعْدَ الْإِحْلَالِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا فِي إِحْرَامِهِ، قِيلَ هُمَا فِي الْمَعْنَى سَوَاءٌ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْفَسَادُ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْهُ وَبِالْإِحْلَالِ الْأَوَّلِ يَكُونُ خَارِجًا مِنَ الْحَجِّ قَالَ الشَّافِعِيُّ نَصًّا فِي الْقَدِيمِ، وَإِذَا تَحَلَّلَ التَّحَلُّلَ الْأَوَّلَ فَقَدْ أَكْمَلَ الْحَجَّ وَخَرَجَ مِنَ الْإِحْرَامِ، فَهُوَ يَطُوفُ وَيَسْعَى فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ، فَإِنْ قِيلَ فَلِمَ مَنَعْتُمُوهُ الْوَطْءَ إذا كان خارجاً من الإحرام قيل: لبقاء حُكْمُهُ كَالْحَائِضِ الَّتِي تُمْنَعُ مِنَ الْوَطْءِ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ لِبَقَاءِ حُكْمِهِ، وَلِأَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ يُسْتَفَادُ الْأَمْنُ مِنْ فَوَاتِ الْحَجِّ والأمن من جواز الْعِبَادَةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ وُرُودِ الْفَسَادِ عَلَيْهَا كَالْعُمْرَةِ، فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَ فِي إِفْسَادِ الْحَجِّ حُكْمُ مَا قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمَا بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ قِيَاسًا أَنَّهُ مُحْرِمٌ بِعِبَادَةٍ أُمِنَ فَوَاتُهَا فَجَازَ أَنْ يُفْسِدَهَا الْوَطْءُ مَا لَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْهَا كَالْعُمْرَةِ، فَإِنْ قِيلَ الْمَعْنَى فِي الْعُمْرَةِ أَنَّهُ لَا يَخْشَى فَوَاتَهَا بِحَالٍ فَلِذَلِكَ جَازَ وُرُودُ الْفَسَادِ عَلَيْهَا قَبْلَ الْإِحْلَالِ، وَلَمَّا كَانَ الْحَجُّ مِمَّا يُخْشَى فَوَاتُهُ فِي حَالٍ جَازَ أَنْ لَا يَرِدَ عَلَيْهِ الْفَسَادُ قَبْلَ الْإِحْلَالِ قِيلَ هَذَا فَاسِدٌ بِالظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ قَدِ اسْتَوَيَا فِي وُرُودِ الْفَسَادِ عَلَيْهِمَا وإن كانت الجمعة فخاف فَوَاتَهَا وَالظُّهْرُ يَأْمَنُ فَوَاتَهَا، وَلِأَنَّهُ فَعَلَ حُرْمَةَ الْإِحْرَامِ فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَ حُكْمُ قَبْلِ الْوُقُوفِ وَبَعْدِهِ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْمَحْظُورَاتِ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْحَجُّ عَرَفَةُ فَمَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الحج " فهو اسْتِعْمَالَ ظَاهِرِهِ مُتَعَذَّرٌ لِأَنَّ بِإِدْرَاكِ عَرَفَةَ لَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِلْحَجِّ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِرُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ يَأْمَنُ بِهِ فَوَاتَ الْحَجِّ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنْ وُرُودِ الْفَسَادِ اسْتِشْهَادًا بِمَا ذَكَرْنَاهُ.
وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الْوَطْءِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، فَالْمَعْنَى فِيهِ: أَنَّهُ قَدْ تَحَلَّلَ مِنْ إِحْرَامِهِ بِمَا اسْتَبَاحَ مِنْ مَحْظُورَاتِهِ فَلِذَلِكَ لَحِقَهُ الْفَسَادُ بِوَطْئِهِ، وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الْفَوَاتِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ الْفَوَاتَ أَخَفُّ حَالًا مِنَ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّ الْفَوَاتَ يَسْقُطُ بِإِدْرَاكِ بَعْضِ الشَّيْءِ وَالْفَسَادُ لَا يَسْقُطُ بِإِدْرَاكِ بَعْضِ الشَّيْءِ. أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْجُمُعَةِ فَقَدْ أَمِنَ فَوَاتَهَا وَلَا يَأْمَنُ فَسَادَهَا، فَكَذَلِكَ جَازَ أَنْ يَأْمَنَ بِالْوُقُوفِ فَوَاتَ الْحَجِّ وَلَا يَأْمَنَ فَسَادَهُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّ تَرْكَ الرَّمْيِ لَمَّا لَمْ يُفْسِدِ الْحَجَّ: فَالْوَطْءُ الَّذِي مُنِعَ مِنْهُ لِأَجْلِ الرَّمْيِ أَوْلَى

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 4  صفحه : 218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست