responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 4  صفحه : 159
سَعْيٌ وَاحِدٌ وَلَيْسَ الصُّعُودُ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَاجِبًا وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَقَالَ أَبُو حَفْصِ بْنُ الْوَكِيلِ الصُّعُودُ عَلَيْهِمَا وَاجِبٌ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الصُّعُودَ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالصُّعُودِ عَلَيْهِمَا كَمَا لا يمكنه استيفاء غسل الوجه إلا بغسل شَيْءٍ مِنْ غَيْرِ الْوَجْهِ، وَلَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ إِلَّا بِسَتْرِ مَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ يُخَالِفُ إِجْمَاعَ قَوْلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَنَصَّ الْمَذْهَبِ، فَأَمَّا إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ فَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُومُ فِي فَرْضٍ فِي أَسْفَلِ الصَّفَا وَلَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَثَبَتَ أَنَّهُ إِجْمَاعٌ.
فَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّهُ لَا يمكنه استيفاء ما بينهما إلا بالصعود عليهما فَغَلَطٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُهُ أَنْ يُلْصِقَ عَقِبَهُ بِالصَّفَا ثُمَّ يَسْعَى فَإِذَا انْتَهَى إِلَى الْمَرْوَةِ أَلْصَقَ أَصَابِعَ قَدَمَيْهِ بِالْمَرْوَةِ فَيَسْتَوْفِي مَا بَيْنَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَصْعَدْ عَلَيْهِمَا.

فَصْلٌ
: ثُمَّ يَنْزِلُ مِنَ الْمَرْوَةِ فَيَمْشِي إِلَى الصَّفَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ اللَّذَيْنِ قَطَعَ عِنْدَهُمَا السَّعْيَ حِينَ أَقْبَلَ مِنَ الصَّفَا، فَيَسْعَى سَعْيًا شَدِيدًا حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى وَرَاءِ الْمِيلِ الْأَخْضَرِ بِنَحْوٍ مِنْ سِتَّةِ أَذْرُعٍ، وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي بَدَأَ بِالسَّعْيِ مِنْهُ حِينَ أَقْبَلَ مِنَ الصَّفَا، فَيَقْطَعُ السَّعْيَ مِنْهُ وَيَمْشِي حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الصَّفَا، وَيُخْتَارُ أَنْ يَقُولَ فِي سَعْيِهِ الشَّدِيدِ بَيْنَ الْمِيلَيْنِ " رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمْ إِنَكَ أَنْتَ الْأَعَزُ الْأَكْرَمُ تَعْلَمُ مَا لَا نَعْلَمُ " فَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَإِذَا انْتَهَى إِلَى الصَّفَا رَقِيَ عَلَيْهِ وَصَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعَ مِنْ قَبْلُ، وَقَدْ حَصَلَ لَهُ سَعْيَانِ: السَّعْيُ الْأَوَّلُ مِنَ الصَّفَا إِلَى الْمَرْوَةِ، وَالسَّعْيُ الثَّانِي مِنَ الْمَرْوَةِ إِلَى الصَّفَا؛ لِأَنَّ الذَّهَابَ سَعْيٌ وَالْعَوْدَ سَعْيٌ، هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ الْفُقَهَاءِ وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ سَعْيَهُ مِنَ الصَّفَا إِلَى الْمَرْوَةِ وَعَوْدَهُ مِنَ الْمَرْوَةِ إِلَى الصَّفَا سَعْيٌ وَاحِدٌ فَيَكُونُ أَوَّلُ سَعْيِهِ مِنَ الصَّفَا وَانْتِهَاؤُهُ إِلَيْهِ فَيَفْعَلُ هَذَا سَبْعًا يَبْدَأُ بِالصَّفَا وَيَخْتِمُ بِالصَّفَا، وَبِهِ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ لِأَنَّ الطَّوَافَ لَمَّا كَانَ ابْتِدَاؤُهُ مِنَ الْحَجَرِ وَانْتِهَاؤُهُ إِلَيْهِ وَكَانَ ابْتِدَاءُ السَّعْيِ مِنَ الصَّفَا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ انْتِهَاؤُهُ إِلَيْهِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ خَطَأٌ قَبِيحٌ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ أَمْرٌ مُسْتَفِيضٌ فِي الشَّرْعِ يَنْقُلُهُ الْخَاصَّةُ وَالْعَامَّةُ خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ لَيْسَ بَيْنَهُمْ فِيهِ تَنَازُعٌ أَنَّهُمْ يَبْدَؤُونَ بِالصَّفَا وَيَخْتِمُونَ بِالْمَرْوَةِ فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ كَإِجْمَاعٍ عَلَى أَنَّ الظُّهْرَ أَرْبَعٌ وَالْعَصْرَ أَرْبَعٌ.
وَأَمَّا مَا اسْتَشْهَدُوا بِهِ مِنَ الطَّوَافِ فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الطَّوَافِ اسْتِيفَاءُ جَمِيعِ الْبَيْتِ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ وَذَلِكَ مِنَ الْحَجَرِ فَأَوْجَبْنَاهُ عَلَيْهِ، وَالْوَاجِبُ فِي السَّعْيِ اسْتِيفَاءُ جَمِيعِ الْمَسْعَى وَذَلِكَ مِنَ الصَّفَا إِلَى الْمَرْوَةِ فَأَوْجَبْنَاهُ عَلَيْهِ.

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 4  صفحه : 159
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست