responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 4  صفحه : 157
كَلَامٌ تَامٌّ أَيْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِي تَقْدِيمِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ، أَوِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ قَالَ: عَلَيْهِ أَنْ يَطُوفَ بِهِمَا، وَهَذَا كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ أَيْ مَنْ حَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَمَّا قِرَاءَةُ الثَّلَاثَةِ " فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا " فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنْ لَا صِلَةَ فِي الْكَلَامِ إِذَا تَقَدَّمَهَا حُجَّةٌ كَمَا قال تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَنْ لاَ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) {الأعراف: 12) مَعْنَاهُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
(مَا كَانَ يَرْضَى رَسُولُ اللَّهِ فِعْلَهُمْ ... وَالطَّيِّبَانِ أَبُو بكرٍ وَلَا عُمَرُ)

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجُزْ إِلَّا بَعْدَ الطَّوَافِ كَانَ تَبَعًا لِلطَّوَافِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ رُكْنًا كَالطَّوَافِ. قُلْنَا: هَذِهِ عِبْرَةٌ فَاسِدَةٌ وَحُجَّةٌ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ لَا يَجُوزُ إِلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ وَهُوَ رُكْنٌ كَالْوُقُوفِ.
وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى الرَّمْيِ فَالْمَعْنَى فِي الرَّمْيِ أَنَّهُ تَابِعٌ لِلْوُقُوفِ بِدَلِيلِ سُقُوطِهِ عَمَّنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ وَالسَّعْيُ لَيْسَ بِتَابِعٍ لِلْوُقُوفِ بِدَلِيلِ وُجُوبِهِ عَلَى مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ فَلَمَّا كَانَ الرَّمْيُ تَابِعًا لَمْ يَكُنْ رُكْنًا، وَلَمَّا لَمْ يَكُنِ السَّعْيُ تَابِعًا كَانَ رُكْنًا.

فَصْلٌ
: فَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ السَّعْيِ فَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ الطَّوَافُ، وَهُوَ إِجْمَاعٌ لَيْسَ يُعْرَفُ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يَسْعَ قَطُّ إِلَّا عَقِيبَ طَوَافٍ، وَقَدْ طَافَ وَلَمْ يَسْعَ بَعْدَهُ، وَلَوْ جَازَ السَّعْيُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ طَوَافٌ لَفَعَلَهُ وَلَوْ مَرَّةً لِيَدُلَّ بِهِ عَلَى الْجَوَازِ، وَلِأَنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ نُسُكٌ لَا يَقَعُ إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وجل فجاز فعله متفرداً، وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَدْ يُفْعَلُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أن يسعى بَيْنَهُمَا فِي حَاجَةٍ عَارِضَةٍ أَوْ أَمْرٍ سَانِحٍ فَافْتَقَرَ إِلَى طَوَافٍ يَتَقَدَّمُهُ لِيَمْتَازَ عَمَّا لِغَيْرِ اللَّهِ وَيَكُونَ خَالِصًا فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ تَقَدُّمَ الطَّوَافِ عَلَيْهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي جَوَازِ التَّرَاخِي بَيْنَهُمَا عَلَى قَوْلَيْنِ:
أحدهما: وهو قول أصحابنا البغداديين أَنَّ التَّرَاخِيَ بَيْنَهُمَا يَجُوزُ، فَإِنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِهِ بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ أَجْزَأَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُكْنٌ، وَالْمُوَالَاةُ بَيْنَ أَرْكَانِ الْحَجِّ لَا تَجِبُ كَالْوُقُوفِ وَالطَّوَافِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قول أصحابنا البصريين أَنَّ التَّرَاخِيَ الْبَعِيدَ بَيْنَهُمَا غَيْرُ جَائِزٍ، وَأَنَّ فِعْلَ السَّعْيِ عَلَى الْفَوْرِ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ، وَإِنْ بَعُدَ مَا بَيْنَهُمَا لَمْ يُجْزِهِ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ لَمَّا افْتَقَرَ إِلَى تَقَدُّمِ الطَّوَافِ عَلَيْهِ لِيَمْتَازَ عَمَّا لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى افْتَقَرَ إِلَى فِعْلِهِ عَلَى الْفَوْرِ لِيَقَعَ بِهِ الِامْتِيَازُ

نام کتاب : الحاوي الكبير نویسنده : الماوردي    جلد : 4  صفحه : 157
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست