responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 67
[كِتَابُ التَّفْلِيسِ]
ِ. وَالنَّظَرُ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِيمَا هُوَ الْفَلَسُ، وَفِي أَحْكَامِ الْمُفْلِسِ، فَنَقُولُ:
إِنَّ الْإِفْلَاسَ فِي الشَّرْعِ يُطْلَقُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَسْتَغْرِقَ الدَّيْنُ مَالَ الْمَدِينِ، فَلَا يَكُونُ فِي مَالِهِ وَفَاءٌ بِدُيُونِهِ.
وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَالٌ مَعْلُومٌ أَصْلًا. وَفِي كِلَا الْفَلَسَيْنِ قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَحْكَامِهِمَا.
فَأَمَّا الْحَالَةُ الْأُولَى (وَهِيَ إِذَا ظَهَرَ عِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ فَلَسِهِ مَا ذَكَرْنَا) : فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ هَلْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ التَّصَرُّفَ فِي مَالِهِ حَتَّى يَبِيعَهُ عَلَيْهِ وَيُقَسِّمَهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ عَلَى نِسْبَةِ دُيُونِهِمْ، أَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ بَلْ يُحْبَسُ حَتَّى يَدْفَعَ إِلَيْهِمْ جَمِيعَ مَالِهِ عَلَى أَيِّ نِسْبَةٍ اتَّفَقَتْ، أَوْ لِمَنِ اتَّفَقَ مِنْهُمْ.
وَهَذَا الْخِلَافُ بِعَيْنِهِ يُتَصَوَّرُ فِيمَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَفِي بِدَيْنِهِ، فَأَبَى أَنْ يُنْصِفَ غُرَمَاءَهُ، هَلْ يَبِيعُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ فَيُقَسِّمُهُ عَلَيْهِمْ، أَمْ يَحْبِسُهُ حَتَّى يُعْطِيَهُمْ بِيَدِهِ مَا عَلَيْهِ؟ فَالْجُمْهُورُ يَقُولُونَ: يَبِيعُ الْحَاكِمُ مَالَهُ عَلَيْهِ، فَيُنْصِفُ مِنْهُ غُرَمَاءَهُ، أَوْ غَرِيمَهُ إِنْ كَانَ مَلِيًّا، أَوْ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْإِفْلَاسِ إِنْ لَمْ يَفِ مَالُهُ بِدُيُونِهِ وَيَحْجُرُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفَ فِيهِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَبِالْقَوْلِ الْآخَرِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ.
وَحُجَّةُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ: «حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: " أَنَّهُ كَثُرَ دَيْنُهُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَزِدْ غُرَمَاءَهُ عَلَى أَنْ جَعْلَهُ لَهُمْ مِنْ مَالِهِ» .
وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: «أَنَّ رَجُلًا أُصِيبَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ فِي ثَمَرٍ ابْتَاعَهَا، فَكَثُرَ دَيْنُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ، فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءً بِدَيْنِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ، وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ» .
وَحَدِيثُ عُمَرَ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الرَّجُلِ الْمُفْلِسِ فِي حَبْسِهِ؛ وَقَوْلُهُ فِيهِ: " أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْأُسَيْفِعَ (أُسَيْفِعَ جُهَيْنَةَ) رَضِيَ مِنْ دَيْنِهِ وَأَمَانَتِهِ بِأَنْ يُقَالَ: سَبَقَ الْحَاجَّ، وَأَنَّهُ ادَّانَ مُعْرِضًا فَأَصْبَحَ قَدْ رِينَ عَلَيْهِ، فَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا ".
وَأَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى: فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ الْمَرِيضُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِمَكَانِ وَرَثَتِهِ، فَأَحْرَى أَنْ يَكُونَ الْمَدِينُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِمَكَانِ الْغُرَمَاءِ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْأَظْهَرُ; لِأَنَّهُ أَعْدَلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 67
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست