responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 68
وَأَمَّا حُجَجُ الْفَرِيقِ الثَّانِي الَّذِينَ قَالُوا بِالْحَبْسِ حَتَّى يُعْطِيَ مَا عَلَيْهِ أَوْ يَمُوتَ مَحْبُوسًا، فَيَبِيعُ الْقَاضِي حِينَئِذٍ مَالَهُ، وَيُقَسِّمُهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ: فَمِنْهَا:
حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حِينَ اسْتُشْهِدَ أَبُوهُ بِأُحُدٍ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَلَمَّا طَالَبَهُ الْغُرَمَاءُ «قَالَ جَابِرٌ: " فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَلَّمْتُهُ، فَسَأَلَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا مِنِّي حَائِطِي، وَيُحَلِّلُوا أَبِي، فَأَبَوْا، فَلَمْ يُعْطِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَائِطِي قَالَ: وَلَكِنْ سَأَغْدُو عَلَيْكَ، قَالَ: فَغَدَا عَلَيْنَا حِينَ أَصْبَحَ فَطَافَ بِالنَّخْلِ فَدَعَا فِي ثَمَرِهَا بِالْبَرَكَةِ، قَالَ: فَجَذَذْتُهَا فَقَضَيْتُ مِنْهَا حُقُوقَهُمْ، وَبَقِيَ مِنْ ثَمَرِهَا بَقِيَّةٌ» .
وَربمَا رُوِيَ أَيْضًا: أَنَّهُ مَاتَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ، وَعَلَيْهِ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَدَعَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ غُرَمَاءَهُ، فَقَبَّلَهُمْ أَرْضَهُ أَرْبَعَ سِنِينَ مِمَّا لَهُمْ عَلَيْهِ.
قَالُوا: فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا لَيْسَ فِيهَا أَنَّهُ بِيعَ أَصْلٌ فِي دَيْنٍ. قَالُوا: ويَدُلُّ عَلَى حَبْسِهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ، وَعُقُوبَتَهُ» . قَالُوا: والْعُقُوبَةُ هِيَ حَبْسُهُ. وَرُبَّمَا شَبَّهُوا اسْتِحْقَاقَ أُصُولِ الْعَقَارِ عَلَيْهِ بِاسْتِحْقَاقِ إِجَازَتِهِ.
وَإِذَا قُلْنَا: إِنَّ الْمُفْلِسَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، فَالنَّظَرُ فِي مَاذَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ، وَبِأَيِّ دُيُونٍ تَكُونُ الْمُحَاصَّةُ فِي مَالِهِ وَفِي أَيِّ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ تَكُونُ الْمُحَاصَّةُ؟ وَكَيْفَ تَكُونُ؟

فَأَمَّا الْمُفْلِسُ: فَلَهُ حَالَانِ: حَالٌ فِي وَقْتِ الْفَلَسِ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، وَحَالٌ بَعْدَ الْحَجْرِ.
فَأَمَّا قَبْلَ الْحَجْرِ: فَلَا يَجُوزُ لَهُ إِتْلَافُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ عِنْدَ مَالِكٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ إِذَا كَانَ مِمَّا لَا يَلْزَمُهُ، وَمِمَّا لَا تَجْرِي الْعَادَةُ بِفِعْلِهِ. وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ إِذَا كَانَ مِمَّا لَا يَلْزَمُهُ; لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَلْزَمُ بِالشَّرْعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِعِوَضٍ، كَنَفَقَتِهِ عَلَى الْآبَاءِ الْمُعْسِرِينَ، أَوِ الْأَبْنَاءِ، وَإِنَّمَا قِيلَ مِمَّا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِفِعْلِهِ; لِأَنَّ لَهُ إِتْلَافَ الْيَسِيرِ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَالْأُضْحِيَّةِ، وَالنَّفَقَةِ فِي الْعِيدِ، وَالصَّدَقَةِ الْيَسِيرَةِ، وَكَذَلِكَ تُرَاعَى الْعَادَةُ فِي إِنْفَاقِهِ فِي عِوَضٍ كَالتَّزَوُّجِ، وَالنَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجَةِ.
وَيَجُوزُ بَيْعُهُ، وَابْتِيَاعُهُ مَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ مُحَابَاةٌ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ إِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي قَضَاءِ بَعْضِ غُرَمَائِهِ دُونَ بَعْضٍ وَفِي رَهْنِهِ.
وَأَمَّا جُمْهُورُ مَنْ قَالَ بِالْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ فَقَالُوا: هُوَ قَبْلَ الْحُكْمِ كَسَائِرِ النَّاسِ، وَإِنَّمَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ لِهَذَا; لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ جَوَازُ الْأَفْعَالِ حَتَّى يَقَعَ الْحَجْرُ، وَمَالِكٌ كَأَنَّهُ اعْتَبَرَ الْمَعْنَى نَفْسَهَ، وَهُوَ إِحَاطَةُ الدَّيْنِ بِمَالِهِ، لَكِنْ لَمْ يَعْتَبِرْهُ فِي كُلِّ حَالٍ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَشِرَاؤُهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُحَابَاةٌ، وَلَا يُجَوِّزُهُ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 4  صفحه : 68
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست