responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 7
وَهَذَانَ الْحَدِيثَانِ اتَّفَقَ أَهْلُ الصَّحِيحِ عَلَى إِخْرَاجِهِمَا.
وَالْآلَاتُ الَّتِي يُصَادُ بِهَا مِنْهَا مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهَا بِالْجُمْلَةِ، وَمِنْهَا مَا اخْتَلَفُوا فِيهَا وَفِي صِفَاتِهَا، وَهِيَ ثَلَاثٌ: حَيَوَانٌ جَارِحٌ، وَمُحَدَّدٌ، وَمُثَقَّلٌ.
فَأَمَّا الْمُحَدَّدُ فَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ كَالرِّمَاحِ وَالسُّيُوفِ وَالسِّهَامِ؛ لِلنَّصِّ عَلَيْهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَكَذَلِكَ بِمَا جَرَى مَجْرَاهَا مِمَّا يَعْقِرُ، مَا عَدَا الْأَشْيَاءَ الَّتِي اخْتَلَفُوا فِي عَمَلِهَا فِي ذَكَاةِ الْحَيَوَانِ الْإِنْسِيِّ، وَهِيَ: السِّنُّ وَالظُّفْرُ وَالْعَظْمُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ اخْتِلَافُهُمْ فِي ذَلِكَ، فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ.
وَأَمَّا الْمُثَقَّلُ فَاخْتَلَفُوا فِي الصَّيْدِ بِهِ، مِثْلَ الصَّيْدِ بِالْمِعْرَاضِ وَالْحَجَرِ؛ فَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ لَمْ يُجِزْ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا مَا أُدْرِكَتْ ذَكَاتُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا قَتَلَهُ الْمِعْرَاضُ أَوِ الْحَجَرُ بِثِقَلِهِ أَوْ بِحَدِّهِ إِذَا خَرَقَ جَسَدَ الصَّيْدِ ; فَأَجَازَهُ إِذَا خَرَقَ، وَلَمْ يُجِزْهُ إِذَا لَمْ يَخْرِقْ. وَبِهَذَا الْقَوْلِ قَالَ مَشَاهِيرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ: الشَّافِعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى أَنَّهُ لَا ذَكَاةَ إِلَّا بِمُحَدَّدٍ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ مُعَارَضَةُ الْأُصُولِ فِي هَذَا الْبَابِ بَعْضَهَا بَعْضًا، وَمُعَارَضَةُ الْأَثَرِ لَهَا. وَذَلِكَ أَنَّ مِنَ الْأُصُولِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْوَقِيذَ مُحَرَّمٌ بِالْكِتَابِ وَالْإِجْمَاعِ، وَمِنْ أُصُولِهِ أَنَّ الْعَقْرَ ذَكَاةُ الصَّيْدِ؛ فَمَنْ رَأَى أَنَّ مَا قَتَلَ الْمِعْرَاضُ وَقِيذٌ مَنَعَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَمَنْ رَآهُ عَقْرًا مُخْتَصًّا بِالصَّيْدِ، وَأَنَّ الْوَقِيذَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِيهِ - أَجَازَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ. وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا خَرَقَ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَخْرِقْ - فَمَصِيرًا إِلَى حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ الْمُتَقَدِّمِ، وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَأَمَّا الْحَيَوَانُ الْجَارِحُ فَالِاتِّفَاقُ وَالِاخْتِلَافُ فِيهِ مِنْهُ مُتَعَلِّقٌ بِالنَّوْعِ وَالشَّرْطِ، وَمِنْهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ. فَأَمَّا النَّوْعُ الَّذِي اتَّفَقُوا عَلَيْهِ فَهُوَ الْكِلَابُ، مَا عَدَا الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ؛ فَإِنَّهُ كَرِهَهُ قَوْمٌ مِنْهُمْ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا أَعْرِفُ أَحَدًا يُرَخِّصُ فِيهِ إِذَا كَانَ بَهِيمًا، وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ. وَأَمَّا الْجُمْهُورُ فَعَلَى إِجَازَةِ صَيْدِهِ إِذَا كَانَ مُعَلَّمًا.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ مُعَارَضَةُ الْقِيَاسِ لِلْعُمُومِ، وَذَلِكَ أَنَّ عُمُومَ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: 4]- يَقْتَضِي تَسْوِيَةَ جَمِيعِ الْكِلَابِ فِي ذَلِكَ. «وَأَمْرُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِقَتْلِ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ» - يَقْتَضِي فِي ذَلِكَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ اصْطِيَادُهُ عَلَى رَأْيِ مَنْ رَأَى أَنَّ النَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.
وَأَمَّا الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْجَوَارِحِ فِيمَا عَدَا الْكَلْبَ، وَمِنْ جَوَارِحِ الطُّيُورِ وَحَيَوَانَاتِهَا السَّاعِيَةِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَ جَمِيعَهَا إِذَا عُلِّمَتْ حَتَّى السِّنَّوْرَ، كَمَا قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَبِهِ قَالَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ. وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَعْنِي أَنَّ مَا قَبِلَ التَّعْلِيمَ مِنْ جَمِيعِ الْجَوَارِحِ فَهُوَ آلَةٌ لِذَكَاةِ الصَّيْدِ. وَقَالَ قَوْمٌ: لَا

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 7
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست