responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 6
النَّحْرُ، وَيُذْبَحَ مَا ذَكَاتُهُ الذَّبْحُ، أَوْ يُفْعَلَ بِهِ أَحَدُهُمَا إِنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ الْأَمْرَانِ جَمِيعًا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: إِذَا لَمْ يُقْدَرُ عَلَى ذَكَاةِ الْبَعِيرِ الشَّارِدِ فَإِنَّهُ يَقْتُلُ كَالصَّيْدِ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ مُعَارَضَةُ الْأَصْلِ فِي ذَلِكَ لِلْخَبَرِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ أَنَّ الْحَيَوَانَ الْإِنْسِيَّ لَا يُؤْكَلُ إِلَّا بِالذَّبْحِ أَوِ النَّحْرِ، وَأَنَّ الْوَحْشِيَّ يُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ.
وَأَمَّا الْخَبَرُ الْمُعَارِضُ لِهَذِهِ الْأُصُولِ فَحَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَفِيهِ قَالَ: «فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، وَكَانَ فِي الْقَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ، فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ، فَحَبَسَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: " إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا نَدَّ عَلَيْكُمْ فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا» . وَالْقَوْلُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَوْلَى لِصِحَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ ذَلِكَ الْأَصْلِ، مَعَ أَنَّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّهُ جَارٍ مَجْرَى الْأَصْلِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي كَوْنِ الْعَقْرِ ذَكَاةً فِي بَعْضِ الْحَيَوَانِ لَيْسَ شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، لَا لِأَنَّهُ وَحْشِيٌّ فَقَطْ، فَإِذَا وُجِدَ هَذَا الْمَعْنَى مِنَ الْإِنْسِيِّ جَازَ أَنْ تَكُونَ ذَكَاتُهُ ذَكَاةَ الْوَحْشِيِّ، فَيَتَّفِقُ الْقِيَاسُ وَالسَّمَاعُ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا يَكُونُ بِهِ الصَّيْدُ]
ُ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ آيَتَانِ وَحَدِيثَانِ: الْآيَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} [المائدة: 94] . وَالثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى: {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: 4] الْآيَةَ.
وَأَمَّا الْحَدِيثَانِ فَأَحَدُهُمَا حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: «إِذَا أَرْسَلْتَ كِلَابَكَ الْمُعَلَّمَةَ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا - فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ. وَإِنْ أَكَلَ الْكَلْبُ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ خَالَطَهَا كِلَابٌ غَيْرُهَا فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ، وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى غَيْرِهِ» . وَسَأَلَهُ عَنِ الْمِعْرَاضِ فَقَالَ: «إِذَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّهُ وَقِيذٌ» . وَهَذَا الْحَدِيثُ هُوَ أَصْلٌ فِي أَكْثَرِ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ.
وَالْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ، وَفِيهِ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَا أَصَبْتَ بِقَوْسِكَ فَسَمِّ اللَّهَ، ثُمَّ كُلْ. وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ، وَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ - فَكُلْ» .

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 6
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست