responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 186
وَمَنْعُهُ، إِلَّا أَنْ يَرِدَ عَلَيْهِ قَوْمٌ لَا ثَمَنَ مَعَهُمْ وَيَخَافُ عَلَيْهِمُ الْهَلَاكَ، وَحُمِلَ الْحَدِيثُ عَلَى آبَارِ الصَّحْرَاءِ الَّتِي تُتَّخَذُ فِي الْأَرَضِينَ الْغَيْرِ مُتَمَلِّكَةٍ، فَرَأَى أَنَّ صَاحِبَهَا (أَعْنِي: الَّذِي حَفَرَهَا) أَوْلَى بِهَا، فَإِذَا رَوَتْ مَاشِيَتُهُ تَرَكَ الْفَضْلَ لِلنَّاسِ، وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الْبِئْرَ لَا تُتَمَلَّكُ بِالْإِحْيَاءِ.
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى مَنْعِ التَّفْرِقَةِ فِي الْمَبِيعِ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا، لِثُبُوتِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَاخْتَلَفُوا مِنْ ذَلِكَ فِي مَوْضِعَيْنِ: فِي وَقْتِ جَوَازِ التَّفْرِقَةِ، وَفِي حُكْمِ الْبَيْعِ إِذَا وَقَعَ. فَأَمَّا حُكْمُ الْبَيْعِ، فَقَالَ مَالِكٌ: يُفْسَخُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُفْسَخُ، وَأَثِمَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي. وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلِ النَّهْيُ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ إِذَا كَانَ لِعِلَّةٍ مِنْ خَارِجٍ؟ وَأَمَّا الْوَقْتُ الَّذِي يَنْتَقِلُ فِيهِ الْمَنْعُ إِلَى الْجَوَازِ; فَقَالَ مَالِكٌ: حَدُّ ذَلِكَ الْإِثْغَارُ; وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدُّ ذَلِكَ سَبْعُ سِنِينَ أَوْ ثَمَانٍ; وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: حَدُّهُ فَوْقَ عَشْرِ سِنِينَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا نَفَعَ نَفْسَهُ وَاسْتَغْنَى فِي حَيَاتِهِ عَنْ أُمِّهِ.
وَيَلْحَقُ بِهَذَا الْبَابِ إِذَا وَقَعَ فِي الْبَيْعِ غَبْنٌ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ هَلْ يَفْسَخُ الْبَيْعَ أَمْ لَا؟ فَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنْ لَا يَفْسَخَ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: إِذَا كَانَ فَوْقَ الثُّلُثِ رُدَّ، وَحَكَاهُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ ; وَجَعَلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْخِيَارَ لِصَاحِبِ الْجَلَبِ إِذَا تَلَقَّى خَارِجَ الْمِصْرِ دَلِيلًا عَلَى اعْتِبَارِ الْغَبْنِ، وَكَذَلِكَ مَا جَعَلَ لِمُنْقِذِ بْنِ حِبَّانَ مِنَ الْخِيَارِ ثَلَاثًا لِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَغِبْنُ فِي الْبُيُوعِ، وَرَأَى قَوْمٌ مِنَ السَّلَفِ الْأَوَّلِ أَنَّ حُكْمَ الْوَالِدِ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْوَالِدَةِ، وَقَوْمٌ رَأَوْا ذَلِكَ فِي الْإِخْوَةِ.

[الْبَابُ السَّادِسِ فِي النَّهْيِ مِنْ قِبَلِ وَقْتِ الْعِبَادَاتِ]
ِ وَذَلِكَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الشَّرْعِ فِي وَقْتِ وُجُوبِ الْمَشْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ فَقَطْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] ، وَهَذَا أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فِيمَا أَحْسَبُ، (أَعْنِي مَنْعَ الْبَيْعِ عِنْدَ الْأَذَانِ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ) .
وَاختَلَفُوا فِي حُكْمِهِ إِذَا وَقَعَ هَلْ يُفْسَخُ أَمْ لَا؟ فَإِنْ فُسِخَ فَعَلَى مَنْ يُفْسَخُ؟ وَهَلْ يَلْحَقُ سَائِرُ الْعُقُودِ فِي هَذَا الْمَعْنَى بِالْبَيْعِ أَمْ لَا يَلْحَقُ؟ فَالْمَشْهُورُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنَّهُ يُفْسَخُ، وَقَدْ قِيلَ: لَا يُفْسَخُ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ.
وَسَبَبُ الْخِلَافِ كَمَا قُلْنَا غَيْرَ مَا مَرَّةٍ هَلِ النَّهْيُ الْوَارِدُ لِسَبَبٍ مِنْ خَارِجٍ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ أَوْ لَا يَقْتَضِيهِ؟
وَأَمَّا عَلَى مَنْ يُفْسَخُ؟ فَعِنْدَ مَالِكٍ عَلَى مَنْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ لَا عَلَى مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا أَهْلُ الظَّاهِرِ فَتَقْتَضِي أُصُولُهُمْ أَنْ يُفْسَخَ عَلَى كُلِّ بَائِعٍ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 186
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست