responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 185
النَّجْشَ هُوَ أَنْ يَزِيدَ أَحَدٌ فِي سِلْعَةٍ، وَلَيْسَ فِي نَفْسِهِ شِرَاؤُهَا، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَنْفَعَ الْبَائِعَ وَيَضُرَّ الْمُشْتَرِيَ ; وَاخْتَلَفُوا إِذَا وَقَعَ هَذَا الْبَيْعُ، فَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ: هُوَ فَاسِدٌ، وَقَالَ مَالِكٌ: هُوَ كَالْعَيْبِ، وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ أَنْ يَرُدَّ رَدَّ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُمْسِكَ أَمْسَكَ; وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: وَإِنْ وَقَعَ أَثِمَ، وَجَازَ الْبَيْعُ.
وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ يَتَضَمَّنُ النَّهْيُ فَسَادَ الْمَنْهِيِّ؟ وَإِنْ كَانَ النَّهْيُ لَيْسَ فِي نَفْسِ الشَّيْءِ بَلْ مِنْ خَارِجٍ; فَمَنْ قَالَ يَتَضَمَّنُ فَسْخَ الْبَيْعِ لَمْ يُجِزْهُ; وَمَنْ قَالَ لَيْسَ يَتَضَمَّنُ أَجَازَهُ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ إِذَا وَرَدَ لِمَعْنًى فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْفَسَادَ مِثْلَ النَّهْيِ عَنِ الرِّبَا وَالْغَرَرِ، وَإِذَا وَرَدَ الْأَمْرُ مِنْ خَارِجٍ لَمْ يَتَضَمَّنِ الْفَسَادَ.
وَيُشْبِهُ أَنْ يَدْخُلَ فِي هَذَا الْبَابِ نَهْيُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ: «إِنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ» ، وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ: ثَبَتَ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ، وَنَهَى عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ "، وَقَالَ: لَا يُمْنَعُ وَهُوَ بِئْرٌ وَلَا بَيْعُ مَاءٍ» .
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا النَّهْيِ، فَحَمَلَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى عُمُومِهِ، فَقَالُوا: لَا يَحِلُّ بَيْعُ الْمَاءِ بِحَالٍ كَانَ مِنْ بِئْرٍ، أَوْ غَدِيرٍ، أَوْ عَيْنٍ فِي أَرْضٍ مُمَلَّكَةٍ، أَوْ غَيْرِ مُمَلَّكَةٍ، غَيْرَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ مُتَمَلَّكًا كَانَ أَحَقَّ بِمِقْدَارِ حَاجَتِهِ مِنْهُ، وَبِهِ قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَرْبَعٌ لَا أَرَى أَنْ يُمْنَعْنَ: الْمَاءُ، وَالنَّارُ، وَالْحَطَبُ، وَالْكَلَأُ.
وَبَعْضُهُمْ خَصَّصَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ بِمُعَارَضَةِ الْأُصُولِ لَهَا، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ مَالُ أَحَدٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَانْعَقَدَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ، وَالَّذِينَ خَصَّصُوا هَذَا الْمَعْنَى اخْتَلَفُوا فِي جِهَةِ تَخْصِيصِهِ، فَقَالَ قَوْمٌ: مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْبِئْرَ يَكُونُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ يَسْقِي هَذَا يَوْمًا فَيَرْوِي زَرْعَ أَحَدِهِمَا فِي بَعْضِ يَوْمِهِ، وَلَا يَرْوِي فِي الْيَوْمِ الَّذِي لِشَرِيكِهِ زَرْعَهُ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَمْنَعَ شَرِيكَهُ مِنَ الْمَاءِ بَقِيَّةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا تَأْوِيلُ ذَلِكَ فِي الَّذِي يَزْرَعُ عَلَى مَائِهِ فَتَنْهَارُ بِئْرُهُ وَلِجَارِهِ فَضْلُ مَاءٍ أَنَّهُ لَيْسَ لِجَارِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ فَضْلَ مَائِهِ إِلَى أَنْ يُصْلِحَ بِئْرَهُ، وَالتَّأْوِيلَانِ قَرِيبَانِ، وَوَجْهُ التَّأْوِيلَيْنِ أَنَّهُمْ حَمَلُوا الْمُطْلَقَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ مُطْلَقًا، ثُمَّ نَهَى عَنْ مَنْعِ فَضْلِ الْمَاءِ، فَحَمَلُوا الْمُطْلَقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَقَالُوا: الْفَضْلُ هُوَ الْمَمْنُوعُ فِي الْحَدِيثَيْنِ، وَأَمَّا مَالِكٌ فَأَصْلُ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْمَاءَ مَتَى كَانَ فِي أَرْضٍ مُتَمَلَّكَةٍ مَنِيعَةٍ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ لَهُ بَيْعُهُ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 185
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست