responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 126
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُقَدِّرَ فِي الْآيَةِ مَحْذُوفًا، وَهُوَ إِرَادَةُ الْإِمْسَاكِ فَيُشْتَرَطُ هَذِهِ الْإِرَادَةُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، وَإِمَّا أَلَّا يُقَدِّرَ فِيهَا مَحْذُوفًا فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِنَفْسِ الظِّهَارِ.
وَاخْتَلَفُوا مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي فُرُوعٍ وَهُوَ: هَلْ إِذَا طَلَّقَ قَبْلَ إِرَادَةِ الْإِمْسَاكِ، أَوْ مَاتَتْ عَنْهُ زَوْجَتُهُ، هَلْ تَكُونُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أَمْ لَا؟ فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنْ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُطَلِّقَ بَعْدَ إِرَادَةِ الْعَوْدَةِ، أَوْ بَعْدَ الْإِمْسَاكِ بِزَمَانٍ طَوِيلٍ عَلَى مَا يَرَاهُ الشَّافِعِيُّ. وَحُكِيَ عَنْ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ أَنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ بَعْدَ الطَّلَاقِ، وَأَنَّهَا إِذَا مَاتَتْ قَبْلَ إِرَادَةِ الْعَوْدَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبِيلٌ إِلَى مِيرَاثِهَا إِلَّا بَعْدَ الْكَفَّارَةِ، وَهَذَا شُذُوذٌ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَنْ يَصِحُّ فِيهِ الظِّهَارُ]
ُ وَاتَّفَقُوا عَلَى لُزُومِ الظِّهَارِ مِنَ الزَّوْجَةِ الَّتِي فِي الْعِصْمَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الظِّهَارِ مِنَ الْأَمَةِ، وَمِنَ الَّتِي فِي غَيْرِ الْعِصْمَةِ، وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي ظِهَارِ الْمَرْأَةِ مِنَ الرَّجُلِ. فَأَمَّا الظِّهَارُ مِنَ الْأَمَةِ: فَقَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: الظِّهَارُ مِنْهَا لَازِمٌ كَالظِّهَارِ مِنَ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ، وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ ; وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ: لَا ظِهَارَ مِنْ أَمَةٍ; وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِنْ كَانَ يَطَأُ أَمَتَهُ فَهُوَ مِنْهَا مُظَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا فَهِيَ يَمِينٌ، وَفِيهَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ; وَقَالَ عَطَاءٌ: هُوَ مُظَاهِرٌ لَكِنْ عَلَيْهِ نِصْفُ كَفَّارَةٍ.
فَدَلِيلُ مَنْ أَوْقَعَ ظِهَارَ الْأَمَةِ عُمُومُ قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] وَالْإِمَاءُ مِنَ النِّسَاءِ، وَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يَجْعَلْهُ ظِهَارًا أَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ النِّسَاءَ فِي قَوْله تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] ، هُنَّ ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ، فَكَذَلِكَ اسْمُ النِّسَاءِ فِي آيَةِ الظِّهَارِ.
فَسَبَبُ الْخِلَافِ مُعَارَضَةُ قِيَاسِ الشَّبَهِ لِلْعُمُومِ - أَعْنِي: تَشْبِيهَ الظِّهَارِ بِالْإِيلَاءِ - وَعُمُومُ لَفْظِ النِّسَاءِ - أَعْنِي: أَنَّ عُمُومَ اللَّفْظِ يَقْتَضِي دُخُولَ الْإِمَاءِ فِي الظِّهَارِ، وَتَشْبِيهُهُ بِالْإِيلَاءِ يَقْتَضِي خُرُوجَهُنَّ مِنَ الظِّهَارِ - وَأَمَّا هَلْ مِنْ شَرْطِ الظِّهَارِ كَوْنُ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا فِي الْعِصْمَةِ أَمْ لَا؟ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ، وَأَنَّ مَنْ عَيَّنَ امْرَأَةً مَا بِعَيْنِهَا وَظَاهَرَ مِنْهَا بِشَرْطِ التَّزْوِيجِ كَانَ مُظَاهِرًا مِنْهَا، وَكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يُعَيِّنْ، وَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ مِنِّي كَظَهْرِ أُمِّي، وَذَلِكَ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ. وَبِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الظِّهَارِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ.
وَقَالَ قَائِلُونَ: لَا يَلْزَمُ الظِّهَارُ إِلَّا فِيمَا يَمْلِكُ الرَّجُلُ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ: الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَدَاوُدُ. وَفَرَّقَ قَوْمٌ، فَقَالُوا: إِنْ أَطْلَقَ لَمْ يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ مِنِّي كَظَهْرِ أُمِّي، فَإِنْ قَيَّدَ لَزِمَهُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: إِنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةً أَوْ سَمَّى قَرْيَةً أَوْ قَبِيلَةً، وَقَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ هُوَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست