responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 125
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنَ الظِّهَارِ هُوَ أَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ فِيهِ إِنَّمَا يَكُونُ بِإِرَادَتِهِ الْعَوْدَ إِلَى مَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ بِالظِّهَارِ، وَهُوَ الْوَطْءُ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْعَوْدَةُ هِيَ: إِمَّا الْوَطْءُ نَفْسُهُ، وَإِمَّا الْعَزْمُ عَلَيْهِ وَإِرَادَتُهُ.
وَالْأَصْلُ الثَّانِي: لَيْسَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْعَوْدُ نَفْسُهُ هُوَ الْوَطْءَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْآيَةِ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] ، وَلِذَلِكَ كَانَ الْوَطْءُ مُحَرَّمًا حَتَّى يُكَفِّرَ. قَالُوا: وَلَوْ كَانَ الْعَوْدُ نَفْسُهُ هُوَ الْإِمْسَاكَ لَكَانَ الظِّهَارُ نَفْسُهُ يُحَرِّمُ الْإِمْسَاكَ فَكَانَ الظِّهَارُ يَكُونُ طَلَاقًا. وَبِالْجُمْلَةِ: فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ الطَّرِيقُ الَّذِي يُعَرِّفُهُ الْفُقَهَاءُ بِطَرِيقِ السَّبْرِ وَالتَّقْسِيمِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْعَوْدِ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ تَكْرَارَ اللَّفْظِ عَلَى مَا يَرَاهُ دَاوُدُ، أَوِ الْوَطْءَ نَفْسَهُ، أَوِ الْإِمْسَاكَ نَفْسَهُ، أَوْ إِرَادَةَ الْوَطْءِ. وَلَا يَكُونُ تَكْرَارَ اللَّفْظِ، لِأَنَّ ذَلِكَ تَأْكِيدٌ، وَالتَّأْكِيدُ لَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ، وَلَا يَكُونُ إِرَادَةَ الْإِمْسَاكِ لِلْوَطْءِ، فَإِنَّ الْإِمْسَاكَ مَوْجُودٌ بَعْدُ، فَقَدْ بَقِيَ أَنْ يَكُونَ إِرَادَةَ الْوَطْءِ، وَإِنْ كَانَ إِرَادَةَ الْإِمْسَاكِ لِلْوَطْءِ فَقَدْ أَرَادَ الْوَطْءَ، فَثَبَتَ أَنَّ الْعَوْدَ هُوَ الْوَطْءُ.
وَمُعْتَمَدُ الشَّافِعِيَّةِ فِي إِجْرَائِهِمْ إِرَادَةَ الْإِمْسَاكِ، أَوِ الْإِمْسَاكَ مَجْرَى إِرَادَةِ الْوَطْءِ: أَنَّ الْإِمْسَاكَ يَلْزَمُ عَنْهُ الْوَطْءُ، فَجَعَلُوا لَازِمَ الشَّيْءِ مُشَبَّهًا بِالشَّيْءِ، وَجَعَلُوا حُكْمَهُمَا وَاحِدًا، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ; وَرُبَّمَا اسْتَدَلَّتِ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ إِرَادَةَ الْإِمْسَاكِ هُوَ السَّبَبُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ: أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَرْتَفِعُ بِارْتِفَاعِ الْإِمْسَاكِ، وَذَلِكَ إِذَا طَلَّقَ إِثْرَ الظِّهَارِ، وَلِهَذَا احْتَاطَ مَالِكٌ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ، فَجَعَلَ الْعَوْدَ هُوَ إِرَادَةَ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا - أَعْنِي: الْوَطْءَ وَالْإِمْسَاكَ - وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ الْعَوْدُ الْوَطْءَ فَضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ، وَالْمُعْتَمَدُ فِيهَا تَشْبِيهُ الظِّهَارِ بِالْيَمِينِ - أَيْ: كَمَا أَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ إِنَّمَا تَجِبُ بِالْحِنْثِ كَذَلِكَ الْأَمْرُ هَا هُنَا -، وَهُوَ قِيَاسُ شَبَهٍ عَارَضَهُ النَّصُّ.
وَأَمَّا دَاوُدُ: فَإِنَّهُ تَعَلَّقَ بِظَاهِرِ اللَّفْظِ فِي قَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: 3] وَذَلِكَ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ إِلَى الْقَوْلِ نَفْسِهِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّهُ الْعَوْدُ فِي الْإِسْلَامِ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ ظِهَارِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ: أَنَّ الْمَعْنَى فِي الْآيَةِ: ثُمَّ يَعُودُونَ فِيمَا قَالُوا. وَسَبَبُ الْخِلَافِ بِالْجُمْلَةِ إِنَّمَا هُوَ مُخَالَفَةُ الظَّاهِرِ لِلْمَفْهُومِ: فَمَنِ اعْتَمَدَ الْمَفْهُومَ جَعَلَ الْعَوْدَةَ إِرَادَةَ الْوَطْءِ أَوِ الْإِمْسَاكِ، وَتَأَوَّلَ مَعْنَى اللَّامِ فِي قَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: 3] بِمَعْنَى الْفَاءِ.
وَأَمَّا مَنِ اعْتَمَدَ الظَّاهِرَ: فَإِنَّهُ جَعَلَ الْعَوْدَةَ تَكْرِيرَ اللَّفْظِ، وَأَنَّ الْعَوْدَةَ الثَّانِيَةَ إِنَّمَا هِيَ ثَانِيَةٌ لِلْأُولَى الَّتِي كَانَتْ مِنْهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَمَنْ تَأَوَّلَ أَحَدَ هَذَيْنِ، فَالْأَشْبَهُ لَهُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ بِنَفْسِ الظِّهَارِ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ كَمَا اعْتَقَدَ ذَلِكَ مُجَاهِدٌ، إِلَّا أَنْ يُقَدِّرَ فِي الْآيَةِ مَحْذُوفًا وَهُوَ إِرَادَةُ الْإِمْسَاكِ، فَهُنَا إِذًا ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ: إِمَّا أَنْ تَكُونَ الْعَوْدَةُ هِيَ تَكْرَارَ اللَّفْظِ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ إِرَادَةَ الْإِمْسَاكِ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ الْعَوْدَةَ الَّتِي هِيَ فِي الْإِسْلَامِ. وَهَذَانِ يَنْقَسِمَانِ قِسْمَيْنِ: - أَعْنِي الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ -:

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 125
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست