responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 26
آخَرَ حَيْثُ يُوجِبُ الْجَمْعُ كَثْرَةَ الصَّدَقَةِ، قَالُوا: وَإِذَا كَانَ هَذَا الِاحْتِمَالُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَجَبَ أَنْ لَا تُخَصَّصَ بِهِ الْأُصُولِ الثَّابِتَةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا - أَعْنِي: أَنَّ النِّصَابَ وَالْحَقَّ الْوَاجِبَ فِي الزَّكَاةِ يُعْتَبَرُ بِمِلْكِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ -.
وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا بِالْخُلْطَةِ، فَقَالُوا: إِنَّ لَفْظَ الْخُلْطَةِ هُوَ أَظْهَرُ فِي الْخُلْطَةِ نَفْسِهَا مِنْهُ فِي الشَّرِكَةِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيهِمَا: «إِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بِالسَّوِيَّةِ» مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمَا حُكْمُهُ حُكْمُ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَأَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بِالسَّوِيَّةِ» يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخَلِيطَيْنِ لَيْسَا بِشَرِيكَيْنِ، لِأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ لَيْسَ يُتَصَوَّرُ بَيْنَهُمَا تَرَاجُعٌ إِذِ الْمَأْخُوذُ هُوَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ.
فَمَنِ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْمَفْهُومِ وَلَمْ يَقِسْ عَلَيْهِ النِّصَابَ قَالَ: الْخَلِيطَانِ إِنَّمَا يُزَكِّيَانِ زَكَاةَ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ إِذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابٌ، وَمَنْ جَعَلَ حُكْمَ النِّصَابِ تَابِعًا لِحُكْمِ الْحَقِّ الْوَاجِبِ قَالَ: نِصَابُهُمَا نِصَابُ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ، كَمَا أَنَّ زَكَاتَهُمَا زَكَاةُ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ أَنْزَلَ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ» عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ.
فَأَمَّا مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ قَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: «لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ» أَنَّ الْخَلِيطَيْنِ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةُ شَاةٍ وَشَاةٌ، فَتَكُونُ عَلَيْهِمَا فِيهِمَا ثَلَاث شِيَاهٍ، فَإِذَا افْتَرَقَا كَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاةٌ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ» أَنْ يَكُونَ النَّفَرُ الثَّلَاثُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْبَعُونَ شَاةً، فَإِذَا جَمَعُوهَا كَانَ عَلَيْهِمْ شَاةٌ وَاحِدَةٌ، فَعَلَى مَذْهَبِهِ النَّهْيُ إِنَّمَا هُوَ مُتَّجِهٌ نَحْوَ الْخُلَطَاءِ الَّذِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصَابٌ.
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: «وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ» أَنْ يَكُونَ رَجُلَانِ لَهُمَا أَرْبَعُونَ شَاةً، فَإِذَا فَرَّقَا غَنَمَهُمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمَا فِيهَا زَكَاةٌ، إِذْ كَانَ نِصَابُ الْخُلَطَاءِ عِنْدَهُ نِصَابَ مِلْك رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي الْحُكْمِ.
وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِالْخُلْطَةِ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيمَا هِيَ الْخُلْطَةُ الْمُؤَثِّرَةُ بِالزَّكَاةِ: فَأَمَّا الشَّافِعِيُّ قَالَ: إِنَّ مِنْ شَرْطِ الْخُلْطَةِ أَنْ تَخْتَلِطَ مَاشِيَتُهُمَا وَتُرَاحَا لِوَاحِدٍ وَتُحْلَبَا لِوَاحِدٍ، وَتُسَرَّحَا لِوَاحِدٍ، وَتُسْقَيَا مَعًا، وَتَكُونَ فَحَوْلُهُمَا مُخْتَلِطَةً. وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ بِالْجُمْلَةِ بين الخلطة وَالشَّرِكَةِ وَلِذَلِكَ يُعْتَبَرُ كَمَالُ النِّصَابِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَأَمَّا مَالِكٌ: فَالْخَلِيطَانِ عِنْدَهُ مَا اشْتَرَكَا فِي الدَّلْوِ وَالْحَوْضِ وَالْمُرَاحِ وَالرَّاعِيِ وَالْفَحْلِ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي مُرَاعَاةِ بَعْضِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ أَوْ جَمِيعِهَا.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمُ: اشْتِرَاكُ اسْمِ الْخُلْطَةِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَرَ قَوْمٌ تَأْثِيرَ الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ الْأَنْدَلُسِيِّ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 26
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست