responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 25
فَقَالَ مَالِكٌ: يُعْتَدُّ بِهَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ: لَا يُعْتَدُّ بِالسِّخَالِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْأُمَّهَاتُ نِصَابًا.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمُ: احْتِمَالُ قَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِذْ أَمَرَ أَنْ تُعْتَدَّ عَلَيْهِمْ بِالسِّخَالِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا شَيْءٌ، فَإِنَّ قَوْمًا فَهِمُوا مِنْ هَذَا إِذَا كَانَتْ نِصَابًا، وَقَوْمٌ فَهِمُوا هَذَا مُطْلَقًا.
وَأَحْسَبُ أَنَّ أَهْلَ الظَّاهِرِ لَا يُوجِبُونَ فِي السِّخَالِ شَيْئًا، وَلَا يَعُدُّونَ بِهِ لَوْ كَانَتِ الْأُمَّهَاتُ نِصَابًا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لِأَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ لَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهَا عِنْدَهُمْ.
وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ لِلْخُلْطَةِ تَأْثِيرًا فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ مِنَ الزَّكَاةِ. وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِذَلِكَ، هَلْ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي قَدْرِ النِّصَابِ أَمْ لَا؟ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَلَمْ يَرَوْا لِلْخُلْطَةِ تَأْثِيرًا، لَا فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ وَلَا فِي قَدْرِ النِّصَابِ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ: أَنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ وَأَكْثَرَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنِ الْخُلَطَاءَ يُزَكُّونَ زَكَاةَ الْمَالِكِ الْوَاحِدِ. وَاخْتَلَفُوا مِنْ ذَلِكَ فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا: فِي نِصَابِ الْخُلَطَاءِ هَلْ يُعَدُّ نِصَابَ مَالِكٍ وَاحِدٍ، سَوَاءً كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصَابٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ؟ أَمْ إِنَّمَا يُزَكُّونَ زَكَاةَ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ إِذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصَابٌ؟ .
وَالثَّانِي: فِي صِفَةِ الْخُلْطَةِ الَّتِي لَهَا تَأْثِيرٌ فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ أَوَّلًا فِي هَلْ لِلْخُلْطَةِ تَأْثِيرٌ فِي النِّصَابِ وَفِي الْوَاجِبِ أَوْ لَيْسَ لَهَا تَأْثِيرٌ؟ فَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمُ: اخْتِلَافُهُمْ فِي مَفْهُومِ مَا ثَبَتَ فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بِالسَّوِيَّةِ» . فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ أَنْزَلَ مَفْهُومَ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى اعْتِقَادِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِينَ رَأَوْا لِلْخُلْطَةِ تَأْثِيرًا مَا فِي النِّصَابِ وَالْقَدْرِ الْوَاجِبِ أَوْ فِي الْقَدْرِ الْوَاجِبِ فَقَطْ قَالُوا: إِنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بِالسَّوِيَّةِ» وَقَوْلَهُ: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ» يَدُلُّ دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى أَنَّ مِلْكَ الْخَلِيطَيْنِ كَمِلْكِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ هَذَا الْأَثَرَ مُخَصِّصٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خمسِ ذَوْدٍ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ» إِمَّا فِي الزَّكَاةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - أَعْنِي: فِي قَدْرِ الْوَاجِبِ - وَإِمَّا فِي الزَّكَاةِ وَالنِّصَابِ مَعًا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ.
وَأَمَّا الَّذِينَ لَمْ يَقُولُوا بِالْخُلْطَةِ فَقَالُوا: إِنَّ الشَّرِيكَيْنِ قَدْ يُقَالُ لَهُمَا خَلِيطَانِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ» إِنَّمَا هُوَ نَهْيٌ لِلسُّعَاةِ أَنْ يُقَسَّمَ مِلْكُ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ قِسْمَةً تُوجِبُ عَلَيْهِ كَثْرَةَ الصَّدَقَةِ، مِثْلُ رَجُلٍ يَكُونُ لَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ شَاةً فَيُقَسِّمُ عَلَيْهِ إِلَى أَرْبَعِينَ ثَلَاثَ شياه، أَوْ يَجْمَعُ مِلْكَ رَجُلٍ وَاحِدٍ إِلَى مِلْكِ رَجُلٍ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 25
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست