responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 186
عِمْرَانَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَيْسَ يَلْزَمُ فِي الْمَعْصِيَةِ شَيْءٌ. وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ أَوْجَبَ فِي ذَلِكَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: ضَعَّفَ أَهْلُ الْحَدِيثِ حَدِيثَ عِمْرَانَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالُوا: لِأَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ يَدُورُ عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ، وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَحَدِيثَ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ يَدُورُ عَلَى زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ، وَأَبُوهُ مَجْهُولٌ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ ابْنِهِ، وَزُهَيْرٌ أَيْضًا عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ، وَلَكِنَّهُ خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ.
وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ يَحْتَجُّوا لِمَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا رُوِيَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا قَائِمًا فِي الشَّمْسِ، فَقَالَ: مَا بَالُ هَذَا؟ قَالُوا: نَذَرَ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ وَلَا يَسْتَظِلَّ وَلَا يَجْلِسَ، وَيَصُومُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَجْلِسْ وَلْيُتِمَّ صِيَامَهُ» . قَالُوا: فَأَمَرَهُ أَنْ يُتِمَّ مَا كَانَ طَاعَةً لِلَّهِ، وَيَتْرُكَ مَا كَانَ مَعْصِيَةً، وَلَيْسَ بِالظَّاهِرِ أَنَّ تَرْكَ الْكَلَامِ مَعْصِيَةٌ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ نَذْرُ مَرْيَمَ، وَكَذَلِكَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْقِيَامُ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ، إِلَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ جِهَةِ إِتْعَابِ النَّفْسِ، فَإِنْ قِيلَ: فِيهِ مَعْصِيَةٌ، فَبِالْقِيَاسِ لَا بِالنَّصِّ، فَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ مِنَ الْمُبَاحَاتِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الْمُبَاحَاتِ، فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَلْزَمُ مَا عَدَا الزَّوْجَةَ. وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ: لَيْسَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: فِي ذَلِكَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: مُعَارَضَةُ مَفْهُومِ النَّظَرِ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} [التحريم: 1] . وَذَلِكَ أَنَّ النَّذْرَ لَيْسَ هُوَ اعْتِقَادُ خِلَافِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ أَعْنِي مِنْ تَحْرِيمِ مُحَلَّلٍ أَوْ تَحْلِيلِ مُحَرَّمٍ، وَذَلِكَ أَنَّ التَّصَرُّفَ فِي هَذَا إِنَّمَا هُوَ لِلشَّارِعِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِمَكَانِ هَذَا الْمَفْهُومُ أَنَّ مَنْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا أَبَاحَهُ اللَّهُ لَهُ بِالشَّرْعِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ، كَمَا لَا يَلْزَمُ إِنْ نَذَرَ تَحْلِيلَ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الشَّرْعُ.
وَظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] أَثَرُ الْعَتَبِ عَلَى التَّحْرِيمِ يُوجِبُ أَنْ تَكُونَ الْكَفَّارَةُ تَحُلُّ هَذَا الْعَقْدَ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ، وَالْفِرْقَةُ الْأَوْلَى تَأَوَّلَتِ التَّحْرِيمَ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ أَنَّهُ كَانَ الْعَقْدُ بِيَمِينٍ.
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الشَّيْءِ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ، وَفِي كِتَابِ مُسْلِمٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي شَرْبَةِ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 186
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست