responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 164
الْكِتَابِ، وَفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الَّذِي يَجْرِي مَجْرَى الْبَيَانِ لِلْمُجْمَلِ فَضْلًا عَنِ الْعَامِّ.
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّمَا ذَهَبَ إِلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَبَيْنَ أَنْ يُقَرَّ الْكُفَّارُ فِيهَا عَلَى خَرَاجٍ يُؤَدُّونَهُ، لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى خَيْبَرَ بِالشَّطْرِ، ثُمَّ أَرْسَلَ ابْنَ رَوَاحَةَ فَقَاسَمَهُمْ» . قَالُوا: فَظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُقَسِّمْهَا، قَالُوا: فَبَانَ بِهَذَا أَنَّ الْإِمَامَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَالْإِقْرَارِ بِأَيْدِيهِمْ، وَهُوَ الَّذِي فَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
وَإِنْ أَسْلَمُوا بَعْدَ الْغَلَبَةِ عَلَيْهِمْ كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْمَنِّ عَلَيْهِمْ أَوْ قِسْمَتِهَا عَلَى مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ أَعْنِي: مِنَ الْمَنِّ، وَهَذَا إِنَّمَا يَصِحُّ عَلَى رَأْيِ مَنْ رَأَى أَنَّهُ افْتَتَحَهَا عَنْوَةً، فَإِنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ افْتَتَحَهَا عَنْوَةً لِأَنَّهُ الَّذِي خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ.
وَيَنْبَغِي أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّ آيَةَ الْفَيْءِ وَآيَةَ الْغَنِيمَةِ مَحْمُولَتَانِ عَلَى الْخِيَارِ ; وَإِنَّ آيَةَ الْفَيْءِ نَاسِخَةٌ لِآيَةِ الْغَنِيمَةِ أَوْ مُخَصِّصَةٌ لَهَا أَنَّهُ قَوْلٌ ضَعِيفٌ جِدًّا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ اسْمُ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ يَدُلَّانِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فَالْآيَتَانِ مُتَعَارِضَتَانِ، لِأَنَّ آيَةَ الْأَنْفَالِ تُوجِبُ التَّخْمِيسَ، وَآيَةَ الْحَشْرِ تُوجِبُ الْقِسْمَةَ دُونَ التَّخْمِيسِ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ إِحْدَاهُمَا نَاسِخَةً لِلْأُخْرَى، أَوْ يَكُونَ الْإِمَامُ مُخَيَّرًا بَيْنَ التَّخْمِيسِ وَتَرْكِ التَّخْمِيسِ، وَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأَمْوَالِ الْمَغْنُومَةِ.
وَذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ مَذْهَبٌ لِبَعْضِ النَّاسِ وَأَظُنُّهُ حَكَاهُ عَنِ الْمَذْهَبِ، وَيَجِبُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَنْبِطَ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا تَرْكَ قِسْمَةِ الْأَرْضِ، وَقِسْمَةُ مَا عَدَا الْأَرْضِ أَنْ تَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْآيَتَيْنِ مُخَصِّصَةً بَعْضَ مَا فِي الْأُخْرَى أَوْ نَاسِخَةً لَهُ، حَتَّى تَكُونَ آيَةُ الْأَنْفَالِ خَصَّصَتْ مِنْ عُمُومِ آيَةِ الْحَشْرِ مَا عَدَا الْأَرَضِينَ فَأَوْجَبَتْ فِيهَا الْخُمُسَ، وَآيَةُ الْحَشْرِ خَصَّصَتْ مِنْ آيَةِ الْأَنْفَالِ الْأَرْضِ فَلَمْ تُوجِبْ فِيهَا خُمُسًا، وَهَذِهِ الدَّعْوَى لَا تَصِحُّ إِلَّا بِدَلِيلٍ، مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ آيَةِ الْحَشْرِ أَنَّهَا تَضَمَّنَتِ الْقَوْلَ فِي نَوْعٍ مِنَ الْأَمْوَالِ مُخَالِفٍ الْحُكْمَ لِلنَّوْعِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ آيَةُ الْأَنْفَالِ وَذَلِكَ أَنَّ قَوْله تَعَالَى: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} [الحشر: 6] هُوَ تَنْبِيهٌ عَلَى الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا لَمْ يُوجَبْ حَقٌّ لِلْجَيْشِ خَاصَّةً دُونَ النَّاسِ، وَالْقِسْمَةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ إِذْ كَانَتْ تُؤْخَذُ بِالْإِيجَافِ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 164
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست