responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 163
وَمَالَهُ ; هَلْ يَكُونُ لِمَا تَرَكَ حُرْمَةُ مَالِ الْمُسْلِمِ وَزَوْجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ فَلَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ إِنْ غَلَبُوا عَلَى ذَلِكَ ; أَمْ لَيْسَ لِمَا تَرَكَ حُرْمَةٌ؟ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لِكُلِّ مَا تَرَكَ حُرْمَةُ الْإِسْلَامِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ حُرْمَةٌ. وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَالِ وَالزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ، فَقَالَ: لَيْسَ لِلْمَالِ حُرْمَةٌ، وَلِلْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ حُرْمَةٌ، وَهَذَا جَارٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُبِيحَ لِلْمَالِ هُوَ الْكُفْرُ، وَأَنَّ الْعَاصِمَ لَهُ هُوَ الْإِسْلَامُ، كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ» . فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ هَاهُنَا مُبِيحًا لِلْمَالِ غَيْرَ الْكُفْرِ مِنْ تَمَلُّكِ عَدُوٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ، وَلَيْسَ هَاهُنَا دَلِيلٌ تُعَارَضُ بِهِ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي حُكْمِ مَا افْتَتَحَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْأَرْضِ عَنْوَةً]
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا افْتَتَحَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْأَرْضِ عَنْوَةً. فَقَالَ مَالِكٌ: لَا تُقَسَّمُ الْأَرْضُ، وَتَكُونُ وَقْفًا يُصْرَفُ خَرَاجُهَا فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَرْزَاقِ الْمُقَاتِلَةِ وَبَنَاءِ الْقَنَاطِرِ وَالْمَسَاجِدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ سُبُلِ الْخَيْرِ، إِلَّا أَنْ يَرَى الْإِمَامُ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ تَقْتَضِي الْقِسْمَةَ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُقَسِّمَ الْأَرْضَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْأَرَضُونَ الْمُفْتَتَحَةُ تُقَسَّمُ كَمَا تُقَسَّمُ الْغَنَائِمُ يَعْنِي: خَمْسَةَ أَقْسَامٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُقَسِّمَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَوْ يَضْرِبَ عَلَى أَهْلِهَا الْكُفَّارِ فِيهَا الْخَرَاجَ وَيُقِرَّهَا بِأَيْدِيهِمْ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ مَا يُظَنُّ مِنَ التَّعَارُضِ بَيْنَ آيَةِ سُورَةِ الْأَنْفَالِ، وَآيَةِ سُورَةِ الْحَشْرِ. وَذَلِكَ أَنَّ آيَةَ الْأَنْفَالِ تَقْتَضِي بِظَاهِرِهَا أَنَّ كُلَّ مَا غُنِمَ يُخَمَّسُ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} [الأنفال: 41] ، وقَوْله تَعَالَى فِي آيَةِ الْحَشْرِ: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر: 10] عَطْفًا عَلَى ذِكْرِ الَّذِينَ أَوْجَبَ لَهُمُ الْفَيْءَ يُمْكِنُ أَنْ يُفْهَمَ مِنْهُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ الْحَاضِرِينَ وَالْآتِينَ شُرَكَاءُ فِي الْفَيْءِ كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر: 10] ، مَا أَرَى هَذِهِ الْآيَةَ إِلَّا قَدْ عَمَّتِ الْخَلْقَ حَتَّى الرَّاعِيَ بِكَدَاءٍ، أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ، وَلِذَلِكَ لَمْ تُقَسَّمِ الْأَرْضُ الَّتِي افْتُتِحَتْ فِي أَيَّامِهِ عَنْوَةً مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ وَمِصْرَ.
فَمَنْ رَأَى أَنَّ الْآيَتَيْنِ مُتَوَارِدَتَانِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَأَنَّ آيَةَ الْحَشْرِ مُخَصِّصَةٌ لِآيَةِ الْأَنْفَالِ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْأَرْضَ.
وَمَنْ رَأَى أَنَّ الْآيَتَيْنِ لَيْسَتَا مُتَوَارِدَتَيْنِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، بَلْ رَأَى أَنَّ آيَةَ الْأَنْفَالِ فِي الْغَنِيمَةِ ; وَآيَةَ الْحَشْرِ فِي الْفَيْءِ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: تُخَمَّسُ الْأَرْضُ وَلَا بُدَّ، وَلَا سِيَّمَا أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «قَسَّمَ خَيْبَرَ بَيْنَ الْغُزَاةِ» . قَالُوا: فَالْوَاجِبُ أَنْ تُقَسَّمَ الْأَرْضُ لِعُمُومِ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 163
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست