responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 149
عِلْمِهِ بِنَسْخِ ذَلِكَ الْفِعْلِ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ إِذْ لَا يَجُوزُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يُخَالِفَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِفِعْلِهِ. أَوْ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ خَاصًّا بِبَنِي النَّضِيرِ لِغَزْوِهِمْ - قَالَ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ. وَمَنِ اعْتَمَدَ فِعْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَلَمْ يَرَ قَوْلَ أَحَدٍ وَلَا فِعْلَهُ حُجَّةً عَلَيْهِ - قَالَ بِتَحْرِيقِ الشَّجَرِ.
وَإِنَّمَا فَرَّقَ مَالِكٌ بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَالشَّجَرِ؛ لِأَنَّ قَتْلَ الْحَيَوَانِ مُثْلَةٌ، وَقَدْ نُهِيَ عَنِ الْمُثْلَةِ. وَلَمْ يَأْتِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَتَلَ حَيَوَانًا.
فَهَذَا هُوَ مَعْرِفَةُ النِّكَايَةِ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ تَبْلُغَ مِنَ الْكُفَّارِ فِي نُفُوسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ.

[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي شَرْطِ الْحَرْبِ]
ِ فَأَمَّا شَرْطُ الْحَرْبِ فَهُوَ بُلُوغُ الدَّعْوَةِ بِاتِّفَاقٍ، أَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حِرَابَتُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا قَدْ بَلَغَتْهُمُ الدَّعْوَةُ، وَذَلِكَ شَيْءٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا} [الإسراء: 15] .
وَأَمَّا هَلْ يَجِبُ تَكْرَارُ الدَّعْوَةِ عِنْدَ تَكْرَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَهَا، وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَحَبَّهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُوجِبْهَا وَلَا اسْتَحَبَّهَا.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ مُعَارَضَةُ الْقَوْلِ لِلْفِعْلِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً قَالَ لِأَمِيرِهَا: " إِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ، فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ إِلَيْهَا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمُ:
ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ.
ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ، وَأَعْلِمَهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَأَنَّ عَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ. فَإِنْ أَبَوْا وَاخْتَارُوا دَارَهُمْ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ، يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ نَصِيبٌ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ.
فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَادْعُهُمْ إِلَى إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ، فَإِنْ أَجَابُوا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ» .
وَثَبَتَ مِنْ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَنَّهُ كَانَ يُبَيِّتُ لِلْعَدُوِّ، وَيُغِيرُ عَلَيْهِمْ مَعَ الْغَدَوَاتِ» . فَمِنَ النَّاسِ - وَهُمُ الْجُمْهُورُ - مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ فِعْلَهُ نَاسِخٌ لِقَوْلِهِ، وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ تَنْتَشِرَ الدَّعْوَةُ، بِدَلِيلِ دَعْوَتِهِمْ فِيهِ إِلَى الْهِجْرَةِ. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ رَجَّحَ الْقَوْلَ عَلَى الْفِعْلِ، وَذَلِكَ بِأَنْ حَمَلَ الْفِعْلَ عَلَى الْخُصُوصِ. وَمَنِ اسْتَحْسَنَ الدُّعَاءَ فَهُوَ وَجْهٌ مِنَ الْجَمْعِ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 149
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست