responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 148
بِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فَلَا يَقْتُلَنَّ ذُرِّيَّةً وَلَا عَسِيفًا وَلَا امْرَأَةً» .
وَالسَّبَبُ الْمُوجِبُ بِالْجُمْلَةِ لِاخْتِلَافِهِمُ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْعِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَتْلِ؛ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْعِلَّةَ الْمُوجِبَةَ لِذَلِكَ هِيَ الْكُفْرُ لَمْ يَسْتَثْنِ أَحَدًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ إِطَاقَةُ الْقَتَّالِ لِلنَّهْيِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ مَعَ أَنَّهُنَّ كُفَّارٌ - اسْتَثْنَى مَنْ لَمْ يُطِقِ الْقِتَالَ، وَمَنْ لَمْ يَنْصِبْ نَفْسَهُ إِلَيْهِ كَالْفَلَّاحِ وَالْعَسِيفِ.
وَصَحَّ النَّهْيُ عَنِ الْمُثْلَةِ. وَاتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ قَتْلِهِمْ بِالسِّلَاحِ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَحْرِيقِهِمْ بِالنَّارِ؛ فَكَرِهَ قَوْمٌ تَحْرِيقَهُمْ بِالنَّارِ، وَرَمْيَهُمْ بِهَا، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ، وَيُرْوَى عَنْ مَالِكٍ. وَأَجَازَ ذَلِكَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنِ ابْتَدَأَ الْعَدُوَّ بِذَلِكَ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ مُعَارَضَةُ الْعُمُومِ لِلْخُصُوصِ؛ أَمَّا الْعُمُومُ قَوْله تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ قَتْلًا مِنْ قَتْلٍ. وَأَمَّا الْخُصُوصُ فَمَا ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي رَجُلٍ: «إِنْ قَدَرْتُمْ عَلَيْهِ فَاقْتُلُوهُ، وَلَا تَحْرِقُوهُ بِالنَّارِ، فَإِنَّهُ لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ» .
وَاتَّفَقَ عَوَّامُ الْفُقَهَاءِ عَلَى جَوَازِ رَمْيِ الْحُصُونِ بِالْمَجَانِيقِ، سَوَاءً كَانَ فِيهَا نِسَاءٌ وَذُرِّيَّةٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِمَا جَاءَ «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى أَهْلِ الطَّائِفِ» .
وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْحِصْنُ فِيهِ أُسَارَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَطْفَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَكُفُّ عَنْ رَمْيِهِمْ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ. وَقَالَ اللَّيْثُ: ذَلِكَ جَائِزٌ.
وَمُعْتَمَدُ مَنْ لَمْ يُجِزْهُ قَوْله تَعَالَى: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الفتح: 25] الْآيَةَ. وَأَمَّا مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى الْمَصْلَحَةِ.
فَهَذَا هُوَ مِقْدَارُ النِّكَايَةِ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ تَبْلُغَ بِهِمْ فِي نُفُوسِهِمْ وَرِقَابِهِمْ. وَأَمَّا النِّكَايَةُ الَّتِي تَجُوزُ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَذَلِكَ فِي الْمَبَانِي وَالْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ - فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ؛ فَأَجَازَ مَالِكٌ قَطْعَ الشَّجَرَةِ وَالثِّمَارِ وَتَخْرِيبَ الْعَامِرِ، وَلَمْ يُجِزْ قَتْلَ الْمَوَاشِي وَلَا تَحْرِيقَ النَّخْلِ.
وَكَرِهَ الْأَوْزَاعِيُّ قَطْعَ الشَّجَرِ الْمُثْمِرِ وَتَخْرِيبَ الْعَامِرِ كَنِيسَةً كَانَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تُحَرَّقُ الْبُيُوتُ وَالشَّجَرُ إِذَا كَانَتْ لَهُمْ مَعَاقِلَ، وَكَرِهَ تَخْرِيبَ الْبُيُوتِ وَقَطْعَ الشَّجَرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَعَاقِلَ.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ مُخَالَفَةُ فِعْلِ أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، ذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ " أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ» . وَثَبَتَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ قَالَ: " لَا تَقْطَعَنَّ شَجَرًا، وَلَا تُخَرِّبَنَّ عَامِرًا "؛ فَمَنْ ظَنَّ أَنَّ فِعْلَ أَبِي بَكْرٍ هَذَا إِنَّمَا كَانَ لِمَكَانِ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست