responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 141
كَالصِّيَامِ يَجُوزُ بِغَيْرِ مَكَّةَ.
وَأَمَّا صِفَةُ النَّحْرِ فَالْجُمْهُورُ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ مُسْتَحَبَّةٌ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا زَكَاةٌ، وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَحَبَّ مَعَ التَّسْمِيَةِ التَّكْبِيرَ.
وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُهْدِي أَنْ يَلِيَ نَحْرَ هَدْيِهِ بِيَدِهِ، وَإِنِ اسْتَخْلَفَ جَازَ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَدْيِهِ. وَمِنْ سُنَّتِهَا أَنْ تُنْحَرَ قِيَامًا؛ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36] . وَقَدْ تُكُلِّمَ فِي صِفَةِ النَّحْرِ فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ.
وَأَمَّا مَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْهَدْيِ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَبِلَحْمِهِ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ مَسَائِلَ مَشْهُورَةً، أَحَدُهَا هَلْ يَجُوزُ لَهُ رُكُوبُ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ أَوِ التَّطَوُّعِ؟ فَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ إِلَى أَنَّ رُكُوبَهُ جَائِزٌ مِنْ ضَرُورَةٍ وَمِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَبَعْضُهُمْ أَوْجَبَ ذَلِكَ، وَكَرِهَ جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ رُكُوبَهَا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ.
وَالْحُجَّةُ لِلْجُمْهُورِ مَا خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ جَابِرٍ، وَقَدْ سُئِلَ عَنْ رُكُوبِ الْهَدْيِ - فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ إِذَا أُلْجِئْتَ إِلَيْهَا حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا» ". وَمِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِمَا قُصِدَ بِهِ الْقِرْبَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَنْعُهُ مَفْهُومٌ مِنَ الشَّرِيعَةِ.
وَحُجَّةُ أَهْلِ الظَّاهِرِ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ: ارْكَبْهَا! فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا هَدْيٌ! فَقَالَ: ارْكَبْهَا ... وَيْلَكَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ» .
وَأَجْمَعُوا أَنَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ إِذَا بَلَغَ مَحِلَّهُ أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْهُ صَاحِبُهُ كَسَائِرِ النَّاسِ، وَأَنَّهُ إِذَا عَطِبَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ. وَزَادَ دَاوُدُ: وَلَا يُطْعِمُ مِنْهُ شَيْئًا أَهْلَ رُفْقَتِهِ؛ " لِمَا ثَبَتَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ بِالْهَدْيِ مَعَ نَاجِيَةَ الْأَسْلَمِيِّ وَقَالَ لَهُ: إِنْ عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ فَانْحَرْهُ، ثُمَّ اصْبُغْ نَعْلَيْهِ فِي دَمِهِ، وَخَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ» . وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا الْحَدِيثُ، فَزَادَ فِيهِ «وَلَا تَأْكُلْ مِنْهُ أَنْتَ، وَلَا أَهْلُ رُفْقَتِكَ» . وَقَالَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ دَاوُدُ وَأَبُو ثَوْرٍ.
وَاخْتَلَفُوا فِي ما يَجِبُ عَلَى مَنْ أَكَلَ مِنْهُ، فَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ أَكَلَ مِنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ: عَلَيْهِ قِيمَةُ مَا أَكَلَ، أَوْ أَمَرَ بِأَكْلِهِ طَعَامًا يَتَصَدَّقُ بِهِ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست