responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 140
ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ. فَلَمَّا اسْتَوَتْ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَّلَ بِالْحَجِّ» .
وَأَمَّا مِنْ أَيْنَ يُسَاقُ الْهَدْيُ؟ فَإِنَّ مَالِكًا يَرَى أَنَّ مِنْ سُنَّتِهِ أَنْ يُسَاقَ مِنَ الْحِلِّ، وَلِذَلِكَ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ مَنِ اشْتَرَى الْهَدْيَ بِمَكَّةَ، وَلَمْ يُدْخِلْهُ مِنَ الْحِلِّ - أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَقِفَهُ بِعَرَفَةَ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ أَدْخَلَهُ مِنَ الْحِلِّ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقِفَهُ بِعَرَفَةَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ: وُقُوفُ الْهَدْيِ بِعَرَفَةَ سُنَّةٌ، وَلَا حَرَجَ عَلَى مَنْ لَمْ يَقِفْهُ، كَانَ دَاخِلًا مِنَ الْحِلِّ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَ تَوْقِيفُ الْهَدْيِ بِعَرَفَةَ مِنَ السُّنَّةِ.
وَحُجَّةُ مَالِكٍ فِي إِدْخَالِ الْهَدْيِ مِنَ الْحِلِّ إِلَى الْحَرَمِ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَذَلِكَ فَعَلَ، وَقَالَ: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» . وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: التَّعْرِيفُ سُنَّةٌ مِثْلُ التَّقْلِيدِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَ التَّعْرِيفُ بِسُنَّةٍ، وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ مَسْكَنَهُ كَانَ خَارِجَ الْحَرَمِ. وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ التَّخْيِيرُ فِي تَعْرِيفِ الْهَدْيِ أَوْ لَا تَعْرِيفِهِ.
وَأَمَّا مَحِلُّهُ فَهُوَ الْبَيْتُ الْعَتِيقُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33] ، وَقَالَ: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] . وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْكَعْبَةَ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ فِيهَا ذَبْحٌ، وَكَذَلِكَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، وَأَنَّ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95]- أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ النَّحْرَ بِمَكَّةَ إِحْسَانًا مِنْهُ لِمَسَاكِينِهِمْ وَفُقَرَائِهِمْ. وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: إِنَّمَا الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95]- مَكَّةُ، وَكَانَ لَا يُجِيزُ لِمَنْ نَحَرَ هَدْيَهُ فِي الْحَرَمِ إِلَّا أَنْ يَنْحَرَهُ بِمَكَّةَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ نَحَرَهُ فِي غَيْرِ مَكَّةَ مِنَ الْحَرَمِ أَجْزَأَهُ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: يَجُوزُ نَحْرُ الْهَدْيِ حَيْثُ شَاءَ الْمُهْدِي إِلَّا هَدْيَ الْقِرَانِ وَجَزَاءَ الصَّيْدِ فَإِنَّهُمَا لَا يُنْحَرَانِ إِلَّا بِالْحَرَمِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَالنَّحْرُ بِمِنًى إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَفِي الْعُمْرَةِ بِمَكَّةَ، إِلَّا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ نَحْرِ الْمُحْصَرِ. وَعِنْدَ مَالِكٍ: إِنْ نَحَرَ لِلْحَجِّ بِمَكَّةَ، وَالْعُمْرَةِ بِمِنًى - أَجْزَأَهُ.
وَحُجَّةُ مَالِكٍ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّحْرُ بِالْحَرَمِ إِلَّا بِمَكَّةَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ وَطُرُقِهَا مَنْحَرٌ» . وَاسْتَثْنَى مَالِكٌ مِنْ ذَلِكَ هَدْيَ الْفِدْيَةِ، فَأَجَازَ ذَبْحَهُ بِغَيْرِ مَكَّةَ.
وَأَمَّا مَتَى يَنْحَرُ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ: إِنْ ذَبَحَ هَدْيَ التَّمَتُّعِ أَوِ التَّطَوُّعِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ لَمْ يُجْزِهِ. وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي التَّطَوُّعِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجُوزُ فِي كِلَيْهِمَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ.
وَلَا خِلَافَ عِنْدِ الْجُمْهُورِ أَنَّ مَا عُدِلَ مِنَ الْهَدْيِ بِالصِّيَامِ أَنَّهُ يَجُوزُ حَيْثُ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِي ذَلِكَ لَا لِأَهْلِ الْحَرَمِ، وَلَا لِأَهْلِ مَكَّةَ. وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الصَّدَقَةِ الْمَعْدُولَةِ عَنِ الْهَدْيِ، فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا لِمَسَاكِينِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ الَّذِي هُوَ لَهُمْ. وَقَالَ مَالِكٌ: الْإِطْعَامُ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 140
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست