responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 123
[الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ جَزَاءِ الصَّيْدِ]
فَنَقُولُ: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: 95] . هِيَ آيَةٌ مُحْكَمَةٌ. وَاخْتَلَفُوا فِي تَفَاصِيلِ أَحْكَامِهَا، وَفِيمَا يُقَاسُ عَلَى مَفْهُومِهَا مِمَّا لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ.
فَمِنْهَا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا هَلِ الْوَاجِبُ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ قِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ؟ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ الْمِثْلُ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقِيمَةِ، أَعْنِي: قِيمَةَ الصَّيْدِ. وَبَيْنَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا الْمِثْلَ.
وَمِنْهَا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي اسْتِئْنَافِ الْحُكْمِ عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ فِيمَا حَكَمَ فِيهِ السَّلَفُ مِنَ الصَّحَابَةِ، مِثْلُ حُكْمِهِمْ أَنَّ مَنْ قَتَلَ نَعَامَةً فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ تَشْبِيهًا بِهَا، وَمَنْ قَتَلَ غَزَالًا فَعَلَيْهِ شَاةٌ، وَمَنْ قَتَلَ بَقَرَةً وَحْشِيَّةً فَعَلَيْهِ إِنْسِيَّةٌ. فَقَالَ مَالِكٌ: يَسْتَأْنِفُ فِي كُلِّ مَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ الْحُكْمَ بِهِ. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنِ اجْتَزَأَ بِحُكْمِ الصَّحَابَةِ مِمَّا حَكَمُوا فِيهِ جَازَ.
وَمِنْهَا هَلِ الْآيَةُ عَلَى التَّخْيِيرِ؟ أَوْ عَلَى التَّرْتِيبِ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: هِيَ عَلَى التَّخْيِيرِ. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، يُرِيدُ أَنَّ الْحُكْمَيْنِ يُخَيِّرَانِ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَزَاءُ. وَقَالَ زُفْرُ: هِيَ عَلَى التَّرْتِيبِ.
وَاخْتَلَفُوا هَلْ يُقَوَّمُ الصَّيْدُ أَوِ الْمِثْلُ إِذَا اخْتَارَ الْإِطْعَامَ إِنْ وَجَبَ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ، فَيَشْتَرِي بِقِيمَتِهِ طَعَامًا؟ فَقَالَ مَالِكٌ: يُقَوَّمُ الصَّيْدُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُقَوَّمُ الْمِثْلُ.
وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي تَقْدِيرِ الصِّيَامِ بِالطَّعَامِ بِالْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانُوا اخْتَلَفُوا فِي التَّفْصِيلِ، فَقَالَ مَالِكٌ: يَصُومُ لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، وَهُوَ الَّذِي يُطْعِمُ عِنْدَهُمْ كُلَّ مِسْكِينٍ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَهْلُ الْحِجَازِ. وَقَالَ أَهْلُ الْكُوفَةِ: يَصُومُ لِكُلِّ مُدَّيْنِ يَوْمًا، وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يُطْعَمُ كُلُّ مِسْكِينٍ عِنْدَهُمْ.
وَاخْتَلَفُوا فِي قَتْلِ الصَّيْدِ خَطَأً هَلْ فِيهِ جَزَاءٌ؟ أَمْ لَا؟ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ فِيهِ الْجَزَاءَ. وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ: لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَمَاعَةِ يَشْتَرِكُونَ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ، فَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا قَتَلَ جَمَاعَةٌ مُحْرِمُونَ صَيْدًا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَزَاءٌ كَامِلٌ. وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: عَلَيْهِمْ جَزَاءٌ وَاحِدٌ. وَفَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَ الْمُحْرِمِينَ يَقْتُلُونَ الصَّيْدَ، وَبَيْنَ الْمُحِلِّينَ يَقْتُلُونَهُ فِي الْحَرَمِ، فَقَالَ: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُحْرِمِينَ جَزَاءٌ، وَعَلَى الْمُحِلِّينَ جَزَاءٌ وَاحِدٌ.
وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَكُونُ أَحَدُ الْحَكَمَيْنِ قَاتِلَ الصَّيْدِ؟ فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجُوزُ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا.
وَاخْتَلَفُوا فِي مَوْضِعِ الْإِطْعَامِ فَقَالَ مَالِكٌ: فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَصَابَ فِيهِ الصَّيْدَ إِنْ كَانَ ثَمَّ طَعَامٌ، وَإِلَّا فَفِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إِلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: حَيْثُمَا أَطْعَمَ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 123
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست