responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 2  صفحه : 308
وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الدُّنْيَا تَجِيءُ رَاغِمَةً لِطُلَّابِ الْآخِرَةِ فَكَمْ مِنْ زَاهِدٍ فِيهَا وَمُتَوَرِّعٍ وَفَقِيرٍ وَمُتَوَجِّهٍ صَادِقٍ فِي تَنَزُّهِهِ وَتَوَجُّهِهِ وَعَالِمٍ صَادِقٍ فِي عِلْمِهِ وَطَالِبِ عِلْمٍ صَادِقٍ فِي تَعَلُّمِهِ وَعَارِفٍ وَمُبْتَدٍ وَمُنْتَهٍ أَتَتْهُمْ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ مَعَ فَرَاغِهِمْ لِمَا هُمْ بِصَدَدِهِ كُلُّ ذَلِكَ أَصْلُهُ مَا جَلَسَ هَذَا إلَيْهِ فَالْكُلُّ فَرْعٌ عَنْهُ وَرَاجِعٌ إلَيْهِ. فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعَظِّمَ مَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ هَذَا الْمَجْلِسِ الشَّرِيفِ وَأَنْ لَا يَشِينَهُ بِشَيْنِ الْمُخَالَفَةِ وَالِاعْتِقَادِ الرَّدِيءِ وَالدَّسَائِسِ وَالنَّزَغَاتِ الَّتِي تَطْرَأُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ وَهِيَ كَثِيرَةٌ. وَدَوَاءُ ذَلِكَ إنْ وَقَعَ صِدْقُ الِافْتِقَارِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّةُ الثِّقَةِ بِمَضْمُونِهِ وَالنُّزُولُ بِسَاحَتِهِ وَالِاتِّصَافُ بِصِفَاتِ الْمُحْتَاجِينَ الْمُضْطَرِّينَ الَّذِينَ لَا أَرَبَ لَهُمْ وَلَا اخْتِيَارَ إلَّا مَوْلَاهُمْ فَهُوَ مَقْصُودُهُمْ وَمَطْلُوبُهُمْ الَّذِي عَلَيْهِ يُعَوِّلُونَ وَإِلَيْهِ يَلْجَئُونَ وَعَلَيْهِ يَتَوَكَّلُونَ إذْ إنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يَرُدُّ قَاصِدَهُ وَلَا يُخَيِّبُ مَنْ سَأَلَهُ وَهُوَ أَكْرَمُ وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ لَا يُعْطِيَ حَتَّى يُسْأَلَ فَكَيْفَ بِمَنْ نَزَلَ بِسَاحَتِهِ وَتَضَرَّعَ إلَيْهِ وَأَلْقَى كَتِفَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا فَعَلَ مَا ذُكِرَ عَادَتْ بَرَكَةُ ذَلِكَ عَلَيْهِ سِرًّا وَعَلَنًا إمَّا حِسًّا وَإِمَّا مَعْنًى أَوْ كِلَاهُمَا. وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ لَهُ حَدِيثًا قَالَ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «خَيْرُ النَّاسِ وَخَيْرُ مَنْ يَمْشِي عَلَى جَدِيدِ الْأَرْضِ الْمُعَلِّمُونَ كُلَّمَا خَلِقَ الدِّينُ جَدَّدُوهُ أَعْطُوهُمْ وَلَا تَسْتَأْجِرُوهُمْ فَتُحْرِجُوهُمْ فَإِنَّ الْمُعَلِّمَ إذَا قَالَ لِلصَّبِيِّ قُلْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ الصَّبِيُّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَتَبَ اللَّهُ تَعَالَى بَرَاءَةً لِلْمُعَلِّمِ وَبَرَاءَةً لِلصَّبِيِّ وَبَرَاءَةً لِأَبَوَيْهِ مِنْ النَّارِ» انْتَهَى. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيَنْوِي فِي جُلُوسِهِ لِلتَّعْلِيمِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي حَقِّ الْعَالِمِ وَآدَابِهِ وَهَدْيِهِ وَهَذَا مِنْ بَابِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَطْلُوبًا بِذَلِكَ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ كَمَا تَقَدَّمَ وَغَيْرُهُ فَرْعٌ عَنْهُ. وَإِنَّمَا وَقَعَ تَأْخِيرُ ذِكْرِهِ إلَى هُنَا، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَصْلَ كَمَا تَقَدَّمَ لِمَا مَضَى أَوَّلَ الْكِتَابِ أَنَّ الْعَالِمَ نَفْعُهُ عَامٌّ لِأَجْلِ مَا احْتَوَى عَلَيْهِ مِنْ مَصْلَحَةِ الدِّينِ وَإِقَامَةِ مَنَارِ الْإِسْلَامِ وَفَتَاوِيه الَّتِي يُعْبَدُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا وَلَا يُعْصَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي

نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 2  صفحه : 308
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست