responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 2  صفحه : 307
وَهَذَا مِنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ تَلَفُّظُهُ بِالسَّبْعِينَ كِنَايَةً مِنْهُ عَمَّا لَا نِهَايَةَ لَهُ إذْ إنَّ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ أَنَّهَا تُطْلِقُ السَّبْعِينَ عَلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ ذَلِكَ حَمَلَ الْأَمْرَ عَلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَاَللَّهِ لَأَزِيدَنَّ عَلَى السَّبْعِينَ مَا لَمْ أُنْهَ، فَنَزَلَتْ {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [المنافقون: 6] .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ التَّقْرِيبِ، وَإِلَّا فَالْأَمْرُ يَجِلُّ عَنْ أَنْ يَأْخُذَهُ حَصْرٌ أَوْ حَدٌّ. وَانْظُرْ بِعَيْنِ الْحَقِيقَةِ إلَى قَوْله تَعَالَى {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [لقمان: 27] فَإِنَّك إذَا نَظَرْت إلَى هَذَا وَجَدْته مُشَاهَدًا مَرْئِيًّا بِالْعِلْمِ الْقَطْعِيِّ إذْ إنَّ الْبِحَارَ كُلَّهَا عَلَى عِظَمِهَا وَكَثْرَتِهَا وَمَدَدِهَا الدَّائِمِ مُفْتَقِرَةٌ إلَى مَنْ يَمُدُّهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ نُقْطَةٍ مِنْهَا مُحْتَاجَةٌ لِكَتْبِ مَا يَجْرِي عَلَيْهَا مِنْ الْأَحْكَامِ مِنْ حِينِ بُرُوزِهَا مِنْ الْعَدَمِ إلَى الْوُجُودِ وَمِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ بَرَزَتْ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَصْلُهَا وَعَلَى أَيِّ مَوْضِعٍ تُسْلَكُ وَمَنْ يَنْتَفِعُ بِهَا وَمَا يَطْرَأُ عَلَيْهَا مِنْ الْأَعْرَاضِ وَفِي أَيِّ مَوْضِعٍ تَسْتَقِرُّ فَهِيَ لَا تَقُومُ بِنَفْسِهَا لِمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ فَبَقِيَتْ الْعَوَالِمُ كُلُّهَا دُونَ شَيْءٍ تَكْتُبُ بِهِ وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِ سَيِّدِي أَبِي مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهَذَا تَنْبِيهٌ لِمَنْ لَهُ يَقَظَةٌ فَيَنْظُرُ وَيَعْتَبِرُ.

وَقَدْ يَجْتَمِعُ لِلْمُؤَدِّبِ خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَهُوَ الْغَالِبُ لِمَا وَرَدَ فِي الْأَثَرِ إخْبَارًا عَنْ «رَبِّ الْعِزَّةِ عَزَّ وَجَلَّ حَيْثُ يَقُولُ يَا دُنْيَا اُخْدُمِي مَنْ خَدَمَنِي وَأَتْعِبِي مَنْ خَدَمَك» فَإِذَا كَانَتْ نِيَّتُهُ بِجُلُوسِهِ لِلَّهِ تَعَالَى لَأَنْ يُعَلِّمَ آيَةً لِجَاهِلٍ بِهَا وَلِكَيْ يَصِحَّ صَلَاةُ الْمُسْلِمِينَ بِتَعْلِيمِهِ أُمَّ الْقُرْآنِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ نَفْعِهِ الْعَامِّ لِلصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ فَهُوَ قَدْ بَدَأَ بِحَظِّهِ مِنْ آخِرَتِهِ. وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ بَدَأَ بِحَظِّهِ مِنْ دُنْيَاهُ فَإِنَّهُ حَظُّهُ مِنْ آخِرَتِهِ وَلَمْ يَنَلْ مِنْ دُنْيَاهُ إلَّا مَا كُتِبَ لَهُ وَمَنْ بَدَأَ بِحَظِّهِ مِنْ آخِرَتِهِ نَالَ حَظَّهُ مِنْ آخِرَتِهِ وَلَمْ يَفُتْهُ مِنْ دُنْيَاهُ مَا قُسِمَ لَهُ» أَوْ كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.

نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 2  صفحه : 307
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست