responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 31
الْوَلَدِ وَلِأَنَّ الْإِنْفَاقَ عِنْدَ الْحَاجَةَ مِنْ بَابِ إحْيَاءِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ وَالْوَلَدُ جُزْءُ الْوَالِدِ وَإِحْيَاءُ نَفْسِهِ وَاجِبٌ كَذَا إحْيَاءُ جُزْئِهِ وَاعْتِبَارُ هَذَا الْمَعْنَى يُوجِبُ النَّفَقَةَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْقَرَابَةَ مُفْتَرَضَةُ الْوَصْلِ مُحَرَّمَةُ الْقَطْعِ بِالْإِجْمَاعِ وَالْإِنْفَاقُ مِنْ بَابِ الصِّلَةِ فَكَانَ وَاجِبًا وَتَرْكُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ لِلْمُنْفِقِ وَتَحَقُّقِ حَاجَةِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ يُؤَدِّي إلَى الْقَطْعِ فَكَانَ حَرَامًا وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهَا فِي الْقَرَابَةِ الْمُحَرِّمَةِ لِلنِّكَاحِ سِوَى قَرَابَةِ الْوِلَادَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا: تَجِبُ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: لَا تَجِبُ غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا يَقُولُ: لَا نَفَقَةَ إلَّا عَلَى الْأَبِ لِلِابْنِ وَالِابْنِ لِلْأَبِ حَتَّى قَالَ: لَا نَفَقَةَ عَلَى الْجَدِّ لِابْنِ الِابْنِ وَلَا عَلَى ابْنِ الِابْنِ لِلْجَدِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَجِبُ عَلَى الْوَالِدِينَ وَالْمَوْلُودِينَ، وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْقَرَابَةَ مُفْتَرَضَةُ الْوَصْلِ مُحَرَّمَةُ الْقَطْعِ عِنْدَنَا خِلَافًا لَهُمَا وَعَلَى هَذَا يَنْبَنِي الْعِتْقُ عِنْدَ الْمِلْكِ، وَوُجُوبُ الْقَطْعِ بِالسَّرِقَةِ وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ الْعَتَاقِ نَذْكُرُهَا هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ الْكَلَامُ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى سَبِيلِ الِابْتِدَاءِ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ النَّفَقَةَ عَلَى الْأَبِ لَا غَيْرُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] فَمَنْ كَانَ مِثْلَ حَالِهِ فِي الْقُرْبِ يَلْحَقُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يُقَالُ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صَرَفَ قَوْلَهُ ذَلِكَ إلَى تَرْكِ الْمُضَارَّةِ لَا إلَى النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ؛ فَكَانَ مَعْنَاهُ لَا يُضَارُّ الْوَارِثُ بِالْيَتِيمِ كَمَا لَا تُضَارُّ الْوَالِدَةُ وَالْمَوْلُودُ لَهُ بِوَلَدِهِمَا وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] .
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ لَا غَيْرُ، لَا عَلَى تَرْكِ الْمُضَارَّةِ مَعْنَاهُ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ مَا عَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ؛ وَمِصْدَاقُ هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّهُ لَوْ جُعِلَ عَطْفًا عَلَى هَذَا؛ لَكَانَ عَطْفَ الِاسْمِ عَلَى الِاسْمِ وَإِنَّهُ شَائِعٌ، وَلَوْ عُطِفَ عَلَى تَرْكِ الْمُضَارَّةِ لَكَانَ عَطْفَ الِاسْمِ عَلَى الْفِعْلِ؛ فَكَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ لَوْ جُعِلَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ {لا تُضَارَّ} [البقرة: 233] لَكَانَ مِنْ حَقِّ الْكَلَامِ أَنْ يَقُولَ: وَالْوَارِثُ مِثْلُ ذَلِكَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ عَطَفُوا عَلَى الْكُلِّ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَتَرْكِ الْمُضَارَّةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ مَعْطُوفٌ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ بِحَرْفِ الْوَاوِ وَإِنَّهُ حَرْفُ جَمْعٍ فَيَصِيرُ الْكُلُّ مَذْكُورًا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَنْصَرِفُ قَوْلُهُ ذَلِكَ إلَى الْكُلِّ أَيْ: عَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَأَنَّهُ لَا يُضَارُّهَا، وَلَا تُضَارُّهُ فِي النَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا وَبِهِ تَبَيَّنَ رُجْحَانُ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ عَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَلَى أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمَنْ تَابَعَهُ لَا يَنْفِي وُجُوبَ النَّفَقَةِ عَلَى الْوَارِثِ بَلْ يُوجِبُ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [البقرة: 233] نَهَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ الْمُضَارَّةِ مُطْلَقًا فِي النَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا فَإِذَا كَانَ مَعْنَى إضْرَارِ الْوَالِدِ الْوَالِدَةَ بِوَلَدِهَا بِتَرْكِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا أَوْ بِانْتِزَاعِ الْوَلَدِ مِنْهَا وَقَدْ أُمِرَ الْوَارِثُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] أَنَّهُ لَا يُضَارُّهَا؛ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى مِثْلِ مَا لَزِمَ الْأَبَ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَجِبَ عَلَى الْوَارِثِ أَنْ يَسْتَرْضِعَ الْوَالِدَةَ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا وَلَا يُخْرِجُ الْوَلَدَ مِنْ يَدِهَا إلَى يَدِ غَيْرِهَا إضْرَارًا بِهَا وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي وُجُوبَ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ عَلَى كُلِّ وَارِثٍ أَوْ عَلَى مُطْلَقِ الْوَارِثِ إلَّا مَنْ خُصَّ أَوْ قُيِّدَ بِدَلِيلٍ.
وَأَمَّا الْقَرَابَةُ الَّتِي بِمُحَرِّمَةٍ لِلنِّكَاحِ فَلَا نَفَقَةَ فِيهَا عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي لَيْلَى وَاحْتَجَّ بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ وَارِثٍ وَوَارِثٍ، وَإِنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ مِنْ الْوَارِثِ الْأَقَارِبُ الَّذِي لَهُ رَحِمٌ مَحْرَمٌ لَا مُطْلَقُ الْوَارِثِ، عَرَفْنَا ذَلِكَ بِقِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَلَى الْوَارِثِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ مِثْلُ ذَلِكَ وَلِأَنَّ وُجُوبَهَا فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ مَعْلُولًا بِكَوْنِهَا صِلَةَ الرَّحِمِ صِيَانَةً لَهَا عَنْ الْقَطِيعَةِ فَيَخْتَصُّ وُجُوبُهَا بِقَرَابَةٍ يَجِبُ وَصْلُهَا وَيَحْرُمُ قَطْعُهَا وَلَمْ تُوجَدْ؛ فَلَا تَجِبُ وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ الْعِتْقُ عِنْدَ الْمِلْكِ وَلَا يَحْرُمُ النِّكَاحُ وَلَا يُمْنَعُ وُجُوبُ الْقَطْعِ بِالسَّرِقَةِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

[فَصْلٌ فِي سَبَبُ وُجُوبِ هَذِهِ النَّفَقَةِ]
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا سَبَبُ وُجُوبِ هَذِهِ النَّفَقَةِ أَمَّا نَفَقَةُ الْوِلَادَةِ فَسَبَبُ وُجُوبِهَا هُوَ الْوِلَادَةُ؛ لِأَنَّ بِهِ تَثْبُتُ الْجُزْئِيَّةُ وَالْبَعْضِيَّةُ وَالْإِنْفَاقُ عَلَى الْمُحْتَاجِ إحْيَاءٌ لَهُ وَيَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ إحْيَاءُ كُلِّهِ وَجُزْئِهِ وَإِنْ شِئْت قُلْت: سَبَبُ نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ فِي الْوِلَادَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ هُوَ الْقَرَابَةُ الْمُحَرِّمَةُ لِلْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَرُمَ قَطْعُهَا يَحْرُمُ كُلُّ سَبَبٍ مُفْضٍ إلَى الْقَطْعِ.
وَتَرْكُ الْإِنْفَاقِ مِنْ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ مَعَ قُدْرَتِهِ وَحَاجَةِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ تُفْضِي إلَى قَطْعِ الرَّحِمِ فَيَحْرُمُ التَّرْكُ وَإِذَا حَرُمَ التَّرْكُ؛ وَجَبَ الْفِعْلُ ضَرُورَةً وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَنَقُولُ: الْحَالُ فِي الْقَرَابَةِ الْمُوجِبَةِ لِلنَّفَقَةِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَتْ حَالَ الِانْفِرَادِ وَإِمَّا إنْ كَانَتْ حَالَ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 31
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست