responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 32
الِاجْتِمَاعِ فَإِنْ كَانَتْ حَالَ الِانْفِرَادِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ إلَّا وَاحِدًا تَجِبُ كُلُّ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ عِنْدَ اسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ لِوُجُودِ سَبَبِ وُجُوبِ كُلِّ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْوِلَادَةُ وَالرَّحِمُ الْمَحْرَمُ وَشَرْطُهُ مِنْ غَيْرِ مُزَاحِمٍ، وَإِنْ كَانَتْ حَالَ الِاجْتِمَاعِ فَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى اجْتَمَعَ الْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ؛ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْأَقْرَبِ فِي قَرَابَةِ الْوِلَادَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ فَفِي قَرَابَةِ الْوِلَادَةِ يُطْلَبُ التَّرْجِيحُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَتَكُونُ النَّفَقَةُ عَلَى مَنْ وُجِدَ فِي حَقِّهِ نَوْعُ رُجْحَانٍ فَلَا تَنْقَسِمُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَارِثًا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ التَّرْجِيحُ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمَا.
وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا مِنْ الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ أَحَدَهُمَا وَالْآخَرُ مَحْجُوبًا؛ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْوَارِثِ وَيُرَجَّحُ بِكَوْنِهِ وَارِثًا وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَارِثًا فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ فِي قَرَابَةِ الْوِلَادَةِ تَجِبُ بِحَقِّ الْوِلَادَةِ لَا بِحَقِّ الْوِرَاثَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] عَلَّقَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وُجُوبَهَا بِاسْمِ الْوِلَادَةِ، وَفِي غَيْرِهَا مِنْ الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ تَجِبُ بِحَقِّ الْوِرَاثَةِ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] عَلَّقَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الِاسْتِحْقَاقَ بِالْإِرْثِ فَتَجِبُ بِقَدْرِ الْمِيرَاثِ وَلِهَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا: إنَّ مَنْ أَوْصَى لِوَرَثَةِ فُلَانٍ وَلَهُ بَنُونَ وَبَنَاتٌ فَالْوَصِيَّةُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَلَوْ أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانٍ؛ كَانَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءً فَدَلَّ بِهِ مَا ذَكَرْنَا.
وَبَيَانُ هَذَا الْأَصْلِ إذَا كَانَ لَهُ ابْنٌ وَابْنُ ابْنٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الِابْنِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ، وَلَوْ كَانَ الِابْنُ مُعْسِرًا وَابْنُ الِابْنِ مُوسِرًا فَالنَّفَقَةُ عَلَى الِابْنِ أَيْضًا إذَا لَمْ يَكُنْ زَمِنًا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْأَقْرَبُ وَلَا سَبِيلَ إلَى إيجَابِ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبْعَدِ مَعَ قِيَامِ الْأَقْرَبِ إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُ ابْنَ الِابْنِ بِأَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ فَيَصِيرُ الْأَبْعَدُ نَائِبًا عَنْ الْأَقْرَبِ فِي الْأَدَاءِ، وَلَوْ أَدَّى بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي لَمْ يَرْجِعْ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَبٌ وَجَدٌّ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْأَبِ لَا عَلَى الْجَدِّ؛ لِأَنَّ الْأَبَ أَقْرَبُ، وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا وَالْجَدُّ مُوسِرًا فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْأَبِ أَيْضًا إذَا لَمْ يَكُنْ زَمِنًا لَكِنْ يُؤْمَرُ الْجَدُّ بِأَنْ يُنْفِقَ ثُمَّ يَرْجِعَ عَلَى الْأَبِ إذَا أَيْسَرَ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَبٌ وَابْنُ ابْنٍ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا غَيْرَ زَمِنٍ وَابْنُ الِابْنِ مُوسِرًا فَإِنَّهُ يُؤَدِّي عَنْ الْأَبِ بِأَمْرِ الْقَاضِي ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَبٌ وَابْنٌ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الِابْنِ لَا عَلَى الْأَبِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ وَالْوِرَاثَةِ وَيَرْجِعُ الِابْنُ بِالْإِيجَابِ عَلَيْهِ؛ لِكَوْنِهِ كَسْبَ الْأَبِ فَيَكُونُ لَهُ حَقًّا فِي كَسْبِهِ وَكَوْنِ مَالِهِ مُضَافًا إلَيْهِ شَرْعًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» وَلَا يُشَارِكُ الْوَلَدَ فِي نَفَقَةِ وَالِدِهِ أَحَدٌ لِمَا قُلْنَا وَكَذَا فِي نَفَقَة وَالِدَتِهِ لِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِي السَّبَبِ وَهُوَ الْوِلَادَةُ، وَالِاخْتِصَاصُ بِالسَّبَبِ يُوجِبُ الِاخْتِصَاصَ بِالْحُكْمِ وَكَذَا لَا يُشَارِكُ الْإِنْسَانَ أَحَدٌ فِي نَفَقَةِ جَدِّهِ وَجَدَّتِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ وَالْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ يَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ وَالْجَدَّةُ تَقُومُ مَقَامَ الْأُمِّ عِنْدَ عَدَمِهَا.
وَلَوْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ فَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ وَكَذَا إذَا كَانَ لَهُ ابْنٌ وَبِنْتٌ وَلَا يُفَضِّلُ الذَّكَرَ عَلَى الْأُنْثَى فِي النَّفَقَةِ؛ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي سَبَبِ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْوِلَادَةُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ بِنْتٌ وَأُخْتٌ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْبِنْتِ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ لَهَا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ لَا تُعْتَبَرُ بِالْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّ الْأُخْتَ تَرِثُ مَعَ الْبِنْتِ وَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهَا مَعَ الْبِنْتِ وَلَا تَجِبُ عَلَى الِابْنِ نَفَقَةُ مَنْكُوحَةِ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَبُ مُحْتَاجًا إلَى مَنْ يَخْدُمُهُ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤْمَرُ بِخِدْمَةِ الْأَبِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِالْأَجِيرِ، وَلَوْ كَانَ لِلصَّغِيرِ أَبَوَانِ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْأَبِ لَا عَلَى الْأُمِّ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ وَالْوِلَادَةِ وَلَا يُشَارِكُ الْأَبَ فِي نَفَقَةِ وَلَدِهِ أَحَدٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَصَّ الْأَبَ بِتَسْمِيَتِهِ بِكَوْنِهِ مَوْلُودًا لَهُ وَأَضَافَ الْوَلَدَ إلَيْهِ فَاللَّامُ الْمِلْكِ وَخَصَّهُ بِإِيجَابِ نَفَقَةِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ} [البقرة: 233] أَيْ رِزْقُ الْوَالِدَاتِ الْمُرْضِعَاتِ سَمَّى الْأُمَّ وَالِدَةً وَالْأَبَ مَوْلُودًا لَهُ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] خَصَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْأَبَ بِإِيتَاءِ أَجْرِ الرَّضَاعِ بَعْدَ الطَّلَاقِ، وَكَذَا أَوْجَبَ فِي الْآيَتَيْنِ كُلَّ نَفَقَةِ الرَّضَاعِ عَلَى الْأَبِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَلَيْسَ وَرَاءَ الْكُلِّ شَيْءٌ وَلَا يُقَالُ: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ} [البقرة: 233] ثُمَّ قَالَ {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] وَالْأُمُّ وَارِثَةٌ فَيَقْتَضِي أَنْ تُشَارِكَ فِي النَّفَقَةِ كَسَائِرِ الْوَرَثَةِ مِنْ ذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ وَكَمَنْ قَالَ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ مِنْ مَالِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَوْصَيْت لِفُلَانٍ مِثْلَ ذَلِكَ وَلَمْ تَخْرُجْ الْوَصِيَّتَانِ مِنْ الثُّلُثِ أَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ كَذَا هَذَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كُلَّ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبِ بِقَوْلِهِ {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ} [البقرة: 233] تَعَذَّرَ إيجَابُهَا عَلَى الْأُمِّ

نام کتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع نویسنده : الكاساني، علاء الدين    جلد : 4  صفحه : 32
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست